الثياب ، أيصلّى فيها قبل أنْ تُغسل؟ قال : « إذا جرى من ماءِ المطر فلا بأس » (١).
وخبره الآخر : عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب ، أيصلّى فيه قبل أن يُغسل؟ قال عليهالسلام : « إذا جرى به المطر فلا بأس » (٢).
ولا دلالة في الأوّلين عند الإنصاف على اعتبار الجريان من الميزاب ؛ لكونه واقعاً في كلام السائل ، لا في كلام الامام عليهالسلام. ولعلّ تعبير الشيخ رحمهالله وأتباعه به للتمثيل ، لا التعيين. كما لا دلالة في الجميع أيضاً على اشتراط مطلق الجريان.
أمّا صحيح ابن الحكم ، وخبر ابن مروان ؛ فلأنّ قصاراهما مضافاً إلى كون السيلان من الميزاب من كلام السائل نفي البأس عن ماء الميزابين المذكورين لو اتّفق ذلك ، وهو لا يستلزم قصر الحكم عليه وانحصارُه فيه ، كما لا يخفى على نبيهٍ.
وأمّا صحيح علي بن جعفر ؛ فبحمله على جعل الجريان من السماء علّةً مقتضية لتطهيره لما يقع عليه من النجس أو المتنجّس ، تنزيلاً لنزولهِ وجريانه من السماء منزلة المادّة للنابع ، لا أنّ الجريان شرطٌ في تطهيره.
وأمّا خبراه ؛ فلما مرّ ، أو بحمل الجريان فيهما على مثل جريان الماء في التطهير على الأعضاء أو غيرها ، من انتقال الأجزاء من مكان إلى مكان وإنْ لم يسل من الميزاب ونحوه ، وغيرها من وجوه الاحتمال ، فيبطل حينئذٍ الاستدلال. هذا في حال نزوله.
وأمّا بعد انقطاعه فهو كالواقف اتّفاقاً كما في ( كشف اللثام ) (٣) ، وبلا خلافٍ كما في ( المعالم ).
فما في ( الحدائق ) (٤) من استظهاره نفي الخلاف في أنّ ما يبقى من المطر بعد انقطاعه حكمه حكم القليل لعلّه من سهو القلم ، لا من زلّة القدم الجليل ؛ لعدم انطباقه على ظواهر الأخبار ، وكلمات علمائنا الأخيار.
__________________
(١) مسائل علي بن جعفر : ١٩٢ / ٣٩٨ ، الوسائل ١ : ١٤٥ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٦ ، ح ٣.
(٢) مسائل علي بن جعفر : ١٣٠ / ١١٥ ، الوسائل ١ : ١٤٨ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٦ ، ح ٩.
(٣) كشف اللثام ١ : ٢٧.
(٤) الحدائق الناضرة ١ : ٢٢٤.