عقيل (١) ، بل قد ينطبق عليه بناءً على القول بالفرق بين الورودين كما نُسِبَ لجمعٍ من الأصحاب.
فلا دلالة لعدم الانفعال في بعض الصور المنصوصة التي موردها ورود الماء على النجاسة وغلبتُهُ عليها على إطلاق عدم الانفعال ، إذْ الدليل أخصُّ من المُدّعى بلا إشكال.
بل غايةُ ما يستفاد منها بعد ضمِّ مطلقها لمقيّدها ، وعامّها لخاصّها أنّ له أحكاماً يشارك في بعضها الجاري وفي بعضها الراكد ، وأنّ القدر المتيقّن من كونه كالجاري صورة الكثرة والجريان ، وأمّا في غيرها فلا مناص من الرجوع للقواعد المقرّرة من الأئمّة الأعيان.
ولقد بالغَ بعضُ المتأخّرين كما نقله ثاني الشهيدين عن بعض معاصريه من السادة الفضلاء فحكم بتطهير القطرة الواحدة من المطر إذا وقعت على الماء النجس.
ثمّ قال بعد نقله ـ : ( وليس ببعيد ، وإنْ كان العمل على خلافه ) (٢).
واعترضه أيضاً في ( المعالم ) : ( بأنّه غلط ) (٣).
ولكن لا داعي لتغليطه في الحكم ، إذ بعد حكمه أنّه كالجاري مطلقاً ولو قطرة كما هو ظاهر مرسل الكاهلي (٤) ، وأنّه يطهر الجزء الملاقي له حال وقوعه فلا ريب في إجراء التقريب المذكور في الجاري. وصدقُ الانقطاع عليه في الآن الثاني غيرُ ضائر ؛ لحصول الطهارة في الآن الأوّل. اللهمّ إلّا أنْ يريد تغليطه في الدليل.
نعم ، قد يقال : إنّ مقتضى قوله تعالى في مقام التفضّل والامتنان والتمدّح بالإنعام والإحسان : ـ ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) (٥) ، ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ ) (٦) ، مضافاً لما دلّ على أنّ جميع المياه الأرضية من ماء
__________________
(١) عنه في المختلف ١ : ١٣.
(٢) روض الجنان ١ : ١٣٩.
(٣) عنه في الحدائق ١ : ٢٢١.
(٤) انظر : ص ١٩٨ هامش ٣.
(٥) الفرقان : ٤٨.
(٦) الفرقان : ٤٨.