وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) (١). فإنَّ ظاهره أفضليةُ الإسرار بالأذكار بالأقربيّة للقبول والإخلاص ، وأبعديّته عن الرياء من الإجهار.
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام
قال الله تعالى : مَنْ ذكرني سرّاً ذكرتُهُ عَلانية (٢).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « مَن ذَكَرَ الله فِي السرِّ فَقَد ذَكَر الله كثيراً ، إنَّ المنافقين كانُوا يذكرون الله علانيةً ، ولا يذكرونَهُ في السرِّ ، فقالَ اللهُ تعالى ( يُراؤُنَ النّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلّا قَلِيلاً ) (٣) (٤).
وثالثاً : أنَّ الصلاة كلّها توقيفيّة ، كمّيّة وكيفيّة ، فلا يثبت شيء منهما بالاستحسانات الظنّيّة ، ولا مسرح فيهما للاعتبارات العقليّة.
الثاني : الأخبار المتضمّنة لكيفيّة صلاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ليلة الإسراء. ومنها ما رواه الصدوق رحمهالله في الصحيح ، بإسناده عن محمّد بن حمران ، عن الصادق عليهالسلام ، في حديث قال فيه : « إنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا أسري به إلى السّماء ، كان أوّل صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة ، فأضاف الله عزوجل إليه الملائكة تصلّي خلفَه ، وأمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فَضْله » (٥).
وفيه : أنَّه ظاهر في أنَّ الجهر حينئذ إنَّما هو لخصوصية الجماعة وظهر الجمعة ، ولهذا تركه في العصر لمّا لم يضف إليه الملائكة.
فقصاراه الدلالة على أصالته في الجماعة في نهار الجمعة ، ظهراً أو جمعة ، والمدّعى إنّما هو الأصليّة على وجه الكليّة.
الثالث : أنَّ الأصل يقال على الدليل والاستصحاب والراجح والقاعدة ، ولا يخفى عدم إرادة الأوّل ، فتعيّن إرادة الثلاثة الأُخر.
فأمّا الرجحان ؛ فلما عرفت من أنّ الصلاة إنّما هي تحميد ودعاء وذكر وثناء ، فالراجح فيها الجهر كما مرّ التصريح به من البعض.
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٥.
(٢) الكافي ٢ : ٥٠١ / ١ ، الوسائل ٧ : ١٦٤ ، أبواب الذكر ، ب ١١ ، ح ٢.
(٣) النساء : ١٤٢.
(٤) الكافي ٢ : ٥٠١ / ٢ ، الوسائل ٧ : ١٦٤ ، أبواب الذكر ، ب ١١ ، ح ٣.
(٥) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ ، الوسائل ٦ : ٨٣ ، أبواب القراءة ، ب ٢٥ ، ح ٢.