ثلاثة عشر قولاً أو ستّة عشر قولاً تعرف من مطوّلات فقهائنا الأبرار ، ولا بدّ من ذكر انموذجٍ منها في هذا المضمار.
وتحرير المقام على وجه يتّضح به فجر المرام أن يقال : إنّ الصلاة ؛ إمّا جهريّة أو سريّة. وعلى الأوّل ، فإمّا أن يسمع المأموم سماعاً عامّاً ، أو سماعاً ما ، أو لا يسمع أصلاً وعلى التقديرات ، فإمّا أن يكون في الأُوليين أو الأخيرتين ، وإمّا أن يكون مسبوقاً ، أو لا.
وقبل ذكر الأقوال لا بأس بذكر عبارة ( السرائر ) لاشتمالها على الإشارة للروايات الصالحة على اختلافها للاستدلال ، قال رحمهالله في باب صلاة الجماعة : ( واختلف الرواية في القراءة خلف الإمام الموثوق به ، فروي أنّه لا قراءة على المأموم في جميع الركعات والصلوات ، سواءً كانت جهريّة أو إخفاتيّة ، وهي أظهر الروايات والتي يقتضيها المذهب ؛ لأنّ الإمام ضامن للقراءة بلا خلاف بين أصحابنا. ومنهم من قال يضمن للقراءة والركوع والسجود ؛ لقولهم عليهمالسلام « الأئمّة ضمناء ».
وروى أنّه : « لا قراءة على المأموم في الركعتين الأُوليين في جميع الصلوات التي يخافت فيها بالقراءة أو يجهر بها ، إلّا أن تكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام فيقرأ لنفسه ».
وروى أنه : « ينصت في ما جهر الإمام فيه بالقراءة ولا يقرأ هو شيئاً ، ويلزمه القراءة في ما خافت ».
وروى أنّه : « بالخيار في ما خافت فيه الإمام ».
فأمّا الركعتان الأخيرتان فقد روي أنه : « لا قراءة على المأموم فيهما بل تسبيح ».
وروى أنّه : « يقرأ فيهما أو يُسبّح » ، والأوّل أظهر ؛ لما قدّمناه ) (١). انتهى.
إذا تقرّر هذا ، فابن إدريس وسلّار (٢) والصدوق (٣) أسقطوا القراءة في جميع هذه الأقسام ؛ للأخبار الصحاح الصراح في النهي عن القراءة خلف الإمام المرضي.
__________________
(١) السرائر ١ : ٢٨٤.
(٢) المراسم العلوية ( سلّار ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٣٨٣.
(٣) المقنع ( الصدوق ) : ١٢٠.