غريب ، وعلى ما ذكرناه ففي الحكم بصحّته ما لا يخفى.
وكيف كان ، ففي دلالتهما على مدّعاه نظرٌ :
أما الخبر الأوّل ، فبمنع كون « لا ينبغي » حقيقة في الكراهة ، بحيث تصلح لصرف الأخبار الظاهرة في التحريم ، وشيوع استعمالها في الكراهة لا يستلزم ظهورها فيها وضعاً ولا انصرافاً ، مع معارضته لشيوع استعمالها في التحريم ، حتى إن بعض المتأخّرين ذكر استعمالها فيه في خمسة عشر موضعاً ، فحمل « لا ينبغي » على الكراهة مع معارضتها بظهور الصحاح وعدم المعارض وشيوع استعمالها في التحريم لا ينبغي.
وأما الثاني ؛ فلجواز كونه في الصلاة المركّبة ، مع الغض عن سنده لما ذكرناه.
وحينئذٍ ، فالمراد بما يجهر فيه : الركعتان الأُوليان ، وما يخافت فيه : الأخيرة والأخيرتان. وقد مرّ ويأتي جواز القراءة فيها مخيّراً فيها بينها وبين التسبيح.
وقد استدلّ له أيضاً بقوله في صحيح علي بن يقطين ، عن أبي الحسن عليهالسلام : عن الركعتين اللّتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما الحمد وهو إمامٌ يُقتدى به؟ قال : « إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس » (١).
ولا دلالة فيه أيضاً ؛ لاحتمال أن يراد بالركعتين المذكورتين خصوص الأخيرتين ، لجعل الموصول للعهد ، فلا يشمل الأوليين الأخفاتّيتين ، فالاستدلال به للقول بالإباحة أوْلى.
وحينئذٍ ، فالمنصور هو التحريم المشهور ؛ إذ العدول عن مدلول الصحاح الصراح من النهي عن القراءة في أُوليي الإخفاتيّة بدليل ضعيف ممّا لا يجسر عليه منصف عفيف ، سيّما مع اشتمال بعضه الأقوى على ما أعرض عنه المشهور من استحباب القراءة ؛ لأنّه إنّما يستحب له حينئذٍ التسبيح للأمر به في أخبارٍ كثيرةٍ كصحيح بكر بن محمّد الأزدي ، عن الصادق عليهالسلام ، أنه قال : « إنّي لأكرهُ للمرء أنْ يصلّي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ، فيقوم كأنه حمار ».
قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.