وبين آمرٍ بقراءة الحمد والسورة مع التمكّن ، وإلّا فالحمد ، كصحيح زرارة بطريق الشيخ رحمهالله ، قال : « إذا أدرك الرجل بعض الصلاة ، وفاته بعض ، خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه ، جعل ما أدرك أوّل صلاته ؛ إنْ أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاته ركعتان قرأ في كلِّ ركعة ما أدرك خلف الإمام في نفسه بأمّ الكتاب وسورة ، فإنْ لم يدرك السورة تامةً أجزأته أُمّ الكتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما ؛ لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها في الأوليين في كلِّ ركعة بأُمّ الكتاب وسورةٍ ، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، إنّما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ وتهليلٌ ودعاء ليس فيهما قراءة ، وإنْ أدرك ركعة قرأ فيها خلف الإمام ، فإذا سلّم الإمام قام فقرأ بأُمّ الكتاب وسورة ، ثمّ قعد فتشهّد ، ثمّ قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة » (١).
ولعلّ عدم النصّ على قراءة الحمد والسورة في قوله : « وإن أدرك ركعة قرأ خلف الإمام » اعتماداً على بيانه عليهالسلام في الأوّل ، فيكون بياناً لذلك المجمل.
وبين آمرٍ بقراءة الحمد وحدها ، كصحيح زرارة السابق برواية الفقيه السابقة (٢) ، ومرسل أحمد بن النضر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال لي : « أي شيءٍ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاته مع الإمام ركعتان؟ » قال : يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة ، فقال : « هذا يقلب صلاته ، فيجعل أولها آخرها ». فقلت : كيف يصنع؟ فقال : « يقرأ بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة » (٣).
والتقريب فيه : أنّ المراد ؛ إمّا كلّ ركعة من الأُوليين ، أو هما مع الأخيرتين ، ويستفاد منه أنّ العامّة يوجبون السورتين في الركعتين الأخيرتين الفائتتين ، وأنّهما صارتا له أوليين ، فتنقلب صلاتهم لمكان السورة ؛ ولذا تكثّرت الأخبار والإجماعات على أنّ ما يدركه المأموم يجعله أوّل صلاته ؛ نظراً للردّ على مخالفي المذهب وعداته ؛ محتجّين بما رووه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « ما أدركتم فصلّوا ، وما فاتكم فاقضوا » (٤).
وهو عن الدلالة بوادٍ سحيق ، وعن سعة الحقِّ في أشدِّ المضيق.
وأمّا تحريم القراءة على المسبوق أو كراهتها فلا شاهد له من الأخبار ، بل لا قائل
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٨ ، الوسائل ٨ : ٣٨٨ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٤٧ ، ح ٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٢.
(٣) التهذيب ٣ : ٤٦ / ١٦٠.
(٤) مسند أحمد ٢ : ٣٨٢ ، وفيه : ( سبقكم ) بدل : ( فاتكم ).