المفوّت للمتابعة ، وبين قطعها المحصّل لها :
فأمّا على القول باستحباب القراءة وعدم فوات القدوة بالإخلال بركن أو ركنين ولو عمداً كما عزي للمشهور ، سواء جعلنا وجوب المتابعة تعبّديّاً على المشهور أو شرطيّاً على غيره فلا إشكال. كما لا إشكال أيضاً على القول بوجوبها وعدم الفوات بالإخلال المذكور.
وأمّا على القول بالوجوب وفوات المتابعة بالإخلال ولو بركنٍ في غير السهو ، فوجهان ، بل قولان ، منشأهما : عدم النصّ الخاصّ في هذا العنوان ، ويظهر من صحيح معاوية بن وهب السابق (١) تقديمُ المتابعة على إتمام القراءة ؛ فإنّ مناط قضاء القراءة لخوف عدم الإمهال إنّما هو تحصيل المتابعة ، بل قد استدلّ عليه أيضاً بصحيح زرارة (٢) الآمر بالسورتين مع الإمكان ، وإلّا فالفاتحة ، فإنّ ظاهره أيضاً أنّ المناط إنّما هو تحصيلها.
وقد يقال عليه : إنّ الاجتزاء بالفاتحة في صحيح زرارة الخالي عن المناط لا يستلزم الاجتزاء بأبعاضها ، بخلاف صحيح ابن وهب المشتمل عليه ، إلّا أنْ يستفاد من ضمّ أحدهما للآخر تنقيح المناط.
نعم ، يمكن الاستدلال عليه مضافاً لصحيح ابن وهب المذكور بما عن ( دعائم الإسلام ) (٣) بطريقين عن الصادق عليهالسلام ، وما عن الفقه الرضوي (٤) من الاجتزاء بما يدركه ، مؤيَّداً بالأخبار العامّة الدالّة على الإتيان بالميسور ، ففي النبوي المشهور : « إذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه بما استطعتم » (٥). وفي المرتضويّتين : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٦) ، و « لا يسقط الميسور بالمعسور » (٧).
والطعن فيها من حيث السند مدفوعٌ باشتهار العمل بها في جميع الأعصار ، بل صار كالمسلّمات بين جميع المتشرّعة في جميع الأمصار ، مضافاً للاستقراء في
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٤٧ / ١٦٢.
(٢) التهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٨.
(٣) دعائم الإسلام ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٤) الفقه الرضوي : ١٤٤.
(٥) مسند أحمد ٢ : ٢٥٨.
(٦) غوالي اللئالي ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.
(٧) غوالي اللئالي ٤ : ٥٨ / ٢٠٥ ، وفيه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.