والوجدان شاهدا عدلٍ لذوي الأذهان ، مضافاً لما نقله عنه الثقات من التصريح بالعموم للأُخريات ، فلا وجه لما توهّم من الاختصاص ، ولات حين مناص.
أقول : وممّن قال بالوجوب أيضاً أبو الصلاح الحلبي (١).
أما بالنسبة للأُوليين فهو ظاهر غير خفيّ ، وأما بالنسبة لغيرهما فالأصحاب رضوان الله عليهم بين ناصٍّ على قوله بالوجوب في الأخيرتين ، وبين ساكت عن حكمهما في البين ، أما مَنْ نصّ على الوجوب في الأخيرتين فهو القطب الصمداني المحقّق الشهيد الثاني ، والفاضل الربّاني الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني.
قال الشهيد في ( روض الجنان ) : ( ويمكن أنْ نقول : إنّ التسبيح أحوط ، للخلاف في الجهر بالبسملة في الأخيرتين ، فإنّ ابن إدريس حرّمه ، وأبا الصلاح أوجبه ، فلا يسلم من الخلاف ) (٢) .. إلى آخره.
وقال ذلك الفاضل المذكور في فوائد رسالته المعمولة في كيفيّة التسبيح في الأخيرتين ما لفظه : ( العاشرة من مرجّحات التسبيح مضافاً إلى ما حرّرناه في رسالتنا المعمولة في أفضليّته ما ذكره الشهيد الثاني في ( شرح الإرشاد ) من أنّه أحوط ؛ للخلاف في الجهر بالبسملة في الأخيرتين ، فإنّ ابن إدريس حرّمه ، وأبا الصلاح أوجبه ، فلا يسلم من الخلاف ) .. إلى آخر كلامهما ، زيد في إكرامهما.
وهو نصٌّ واضح السبيل ، حاسمٌ لمادّة القال والقيل ، وكفى بهذين الثقتين شاهدين عادلين.
لكن من الغريب أنّ ذلك الشهيد في نقل الأقوال في الجهر بالبسملة في الأخيرتين عبّر عن قول أبي الصلاح بالوجوب في أُوليي الظهرين ، ويمكن الجواب عنه بنوعٍ من العناية ، كما سيأتي.
وأمّا الساكت عن حكمهما عنده غير ناصٍّ فيهما على سلب ولا إيجاب فهم أكثر الأصحاب ؛ إذ لم ينقلوا عنه التعرّض في تلك العبارة لحكم البسملة في الأُخريات بتصريحٍ ولا إشارة.
__________________
(١) الكافي في الفقه ( الحلبي ) : ١١٧.
(٢) روض الجنان : ٢٦٢.