الجنيد (١) ، قال : ( وما أبعد ما بين هذا القول وقول القاضي (٢) بوجوب الجهر حتى في الأخيرتين ). انتهى.
حتى إنّ السيّد عبد الله المذكور جعله أحد الوجوه المرجّحة لاختيار التسبيح ، حيث قال : ( ممّا يرجّح التسبيح الخروج به من عهدة الخلاف الواقع في الجهر بالبسملة في الأخيرتين ؛ لأنّه دائر بين الوجوب كما قاله ابن البراج (٣) ، والتحريم كما قاله ابن إدريس ) (٤) .. إلى آخره.
وما ذاك إلّا لجزمهم بالقول بالوجوب ، ولعلّهم اطّلعوا على التنصيص في بعض كتبه.
كما لعلّه يستظهر من كلام المقداد في ( التنقيح ) عند قول المحقّق : ( ومن السنن الجهر بالبسملة ) .. إلى آخره فإنّه قال : ( قال ابن البرّاج : يجب الجهر بها في ما يخافت ؛ لمواظبة الرضا عليهالسلام على ذلك ) (٥) .. إلى آخره.
فإنّه ظاهر في حكاية لفظ ابن البرّاج ، لكن فيه : أنّه إنْ أراد المواظبة التي حكاها عنه رجاء بن أبي الضحّاك فقد اشتملت على ملازمته عليهالسلام التسبيح في الأُخريات ، كما أنّ عبارته المنقولة من كتاب ( المهذّب ) غير صريحة في الإيجاب ، حيث قال : ( ويخافت بقراءة السورتين في الظهر والعصر ، إلّا ببسم الله الرحمن الرحيم ، فإنّه يجهر بها في كلّ الصلوات ) (٦) .. إلى آخره ؛ لتوقّفه على دلالة الجملة الخبريّة على الوجوب عنده ، وهو غير معلوم ، كما أنّه لا يستفاد منها التخصيص بالأُوليين ؛ لما تقرّر في محلِّه من أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم ، وسائر غاياته المذكورة في محلّها لا تتّجه هنا ، فليس إلّا ما ذكرنا.
وأمّا ذكره السورتين فلا يصلح للتخصيص بالأُوليين ؛ إذ مراده كغيره الحمد مطلقاً حيث كانت ، لا بشرط وجود السورة بعدها ، ألا ترى أنّ جماعةً من المقطوع بقولهم بالتعميم للأخيرتين صرّحوا في عنوان المسألة بذكر السورتين ، والسبر
__________________
(١) عنه في المختلف ٢ : ١٥٥.
(٢) المهذّب ١ : ٩٧.
(٣) المهذّب ١ : ٩٧.
(٤) السرائر : ٢١٨.
(٥) التنقيح الرائع ١ : ١٩٩.
(٦) المهذّب ١ : ٩٢.