قول ابن البرّاج يطلقون مخالفة المشهور بإيجاب الجهر مطلقاً ، وعند ذكر قول ابن الجنيد إنّما يذكرون الشقّ المخالف أيضاً ، وهو تخصيص الاستحباب بالإمام.
وحيث قد ثبت نصّ ذينك الثقتين على قوله بوجوب الجهر في الأخيرتين تعيّن الاحتمال الثاني ، وزال الإشكال من البين ؛ إذ نصّهما كاشفٌ عن ذلك الإجمال الذي في كلمات أولئك الأبدال.
ويؤيّده أُمور : الأوّل : تصريح ثاني الشهيدين في ( شرح النفليّة ) في مقابلة قول المشهور بإطلاق نسبة الوجوب لبعض الأصحاب ؛ إذ لم يفرّق بين أبي الصلاح وابن البرّاج في قولهما بالإيجاب.
الثاني : التشريك بين قول أبي الصلاح وابن البرّاج في الدليل والمنهاج ، مع أنّ اللازم تخصيص كلّ منهما بدليل على الانفراد ؛ لتركّب قول أبي الصلاح حينئذٍ من جهتين متضادّتين لا يستقيم فيهما الاتّحاد.
الثالث : ما صرّح به كثيرٌ منهم كما مرّ من تفرّد ابن إدريس وحده بالتحريم ، وأنّ الإجماع قد سبقه وتأخّر عنه في الحديث والقديم ؛ إذ الكلمات الموافقة ظاهراً ؛ إمّا حادثة بعد ذلك الجيل ، أو ممكنة التأويل.
نعم ، يبقى الإشكال في أمرين : الأوّل : مزية التعليق بالظرف المشعر بالتقييد.
والثاني : جعل الفقهاء إيّاه قولاً قسيماً للقول بإطلاق الوجوب.
ويمكن الجواب عن الأوّل بمثل ما ذكرناه في تقرير الاحتمال الأوّل ، وحاصله : التزام الخروج عن الظاهر ؛ للقرينة الصارفة عن القاعدة الأصليّة ، وحمل مزية القيد على التنبيه على مزيد الأهميّة ، لا إرادة الخصوصيّة ؛ لشيوع هذا الاستعمال من كثير في القيود اللفظيّة ، وهو كافٍ في صون التعليق عن اللغويّة ، أو بأنّ المزية تمهيد حكم البسملة مع السورة التي لا تكون إلّا في الأُوليين ؛ تنبيهاً على خلاف ابن الجنيد ، حيث إنّه لا يرى الإتيان بالبسملة معها فيهما لاستحبابها عنده ، أو أنّه لا يراها آية منها