وإنْ قال بوجوبها.
وأمّا عن الثاني فبجواز جعله من باب حكاية القول الواحد في المسألة الواحدة بعبارتين مختلفتين ؛ حرصاً على حكاية اللفظين ، تنبيهاً على اختلافهما في ظهور الدلالة وصراحة المقالة.
هذا ، والعمدة نصّ ذينك الثقتين على قوله بالوجوب في الأخيرتين ، وإلّا ففي بعض ما ذكرناه مجال ظاهر.
نعم ، يمكن المناقشة في إرادته الوجوب من لفظ اللزوم باحتمال إرادته الاستحباب المؤكّد ؛ بقرينة استعمال اللزوم فيه في بعض المواضع كقوله في صلاة الجماعة : ( ويلزم إمام الصلاة تقديم دخول المسجد ليقتدي به المؤتمّون ، ويتعمّم ويتحنّك ويرتدي ) (١) .. إلى آخره. مع الإجماع على عدم وجوبها.
وكقوله في صلاة الجمعة : ( ويلزم الإمام الغسل ، وتغيير الثياب ، والطيب ، والتعمّم والتحنّك ، والارتداء ، وتقديم دخول المسجد ، ليتأسّى به المسلمون ) (٢) .. إلى آخره ؛ للإجماع على استحبابها ، حتى إنّه رحمهالله عدّ غسل الجمعة من الأغسال الثلاثين المسنونة.
نعم ، فيه حينئذٍ لزوم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ، وهو سهل ؛ لجواز استعماله في القدر المشترك ، أو بالتزام إرادته الاستحباب المؤكّد في الموضعين. ولا ينافيه حكمه ببطلان الصلاة بالجهر أو الإخفات في غير مواضعهما ؛ لجواز جعله من باب الوجوب الشرطي المجامع للاستحباب ، كالحكم بوجوب القيام في الأذان والإقامة عند القائل باستحبابهما ، وكحكمه بشرطيّة الأذان والإقامة في صحّة الجمعة والجماعة ، وكحكمهم بشرطيّة الطهارة في النوافل ، والله العالم.
وأما الصدوق رحمهالله ، فهو وإنْ كان ظاهر كلامه في المجالس الإيجاب ، إلّا إنّ القرائن صرفته عنه إلى الاستحباب.
هذا ، وفي الموجود عندنا من نسخة ( الجواهر ) (٣) نسبة القول بوجوب الجهر في
__________________
(١) الكافي في الفقه ( الحلبي ) : ١٤٤.
(٢) الكافي في الفقه ( الحلبي ) : ١٥١.
(٣) الجواهر ٩ : ٣٨٩.