وكان يصلّي بفناء الكعبة يرفع صوته ، وكان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وجماعة منهم يستمعون قراءته. قال : « وكان يكثر ترداد بسم الله الرحمن الرحيم ، فيرفع بها صوته ، فيقولون : إنّ محمَّداً صلىاللهعليهوآله ليردّد اسم ربّه » (١) .. إلى آخره.
٢٧ ـ ومنها : ما رواه فرات بن إبراهيم في تفسيره ، عن عمرو بن شِمْر ، قال : سمعت جعفر بن محمَّد عليهالسلام يقول له بعضهم : إنّي أؤمّ قومي ، فأجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؟ قال : « نعم ، حقٌ فاجهر بها ، قد جهر بها رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ قال : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن ، فإذا قام من الليل يصلّي ، جاء أبو جهل والمشركون يستمعون قراءته ، فإذا قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا. فإذا فرغ من ذلك ، جاؤوا واستمعوا » (٢) .. إلى آخره.
أقول : لا يخفى على مَنْ نظر ببصر بصيرته الصائبة ، وأعمل عامل فكرته الثاقبة ، ما دلّت عليه هذه الأخبار من العموم لمحلّ الكلام ، والانطباق على ذلك والالتئام :
أمّا الخبر الأوّل فقد تضمّن أنّها الحقّ ، ثمّ عقّبه بالأمر بالجهر بها ، فمفاد ذلك كما مرّ أنّها متى وقعت في موضع فأجهر بها ، فكما أنّ الجهر بالحقّ لا يختصّ بوقتٍ دون وقت من مواضعه المطلوب فيها ذلك ، فالبسملة كذلك.
وأما الخبر الثاني والثالث فقد دلّا على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يرفع بها صوته من غير تخصيص بإحدى الركعات ، بل ولا الأوقات ، مع أنّ الحاكي لفعله أبو جعفر عليهالسلام ، فلو كان جهره صلىاللهعليهوآله مخصوصاً بالأُوليين لخصّ الإخبار بالجهر فيهما فقط ، لكنّه عمّم المقال ، وترك الاستفصال ، فيفيد العموم بلا إشكال.
وأمّا الخبر الرابع فقد تضمّن أنّ بعض أصحابه عليهالسلام سأله عن الجهر بها في أيّ ركعة وقعت ، فأمره عليهالسلام بالجهر بها كذلك ، وأخبره أنّ الجهر بها مطلقاً حقٌّ هنالك ، ثمّ علّله ـ
__________________
(١) البحار ٨٢ : ٧٣ / ٣ ، تفسير العيّاشي ٢ : ٣١٧ ـ ٣١٨ / ٨٥.
(٢) تفسير فرات الكوفي : ٢٤١ / ٣٢٧.