المخصّص لنقل ، ولو نقل لوصل ، والاستناد إلى تلف تلك الأُصول منهار القواعد والأصول ، ولا يرجع إلى محصول ؛ إذ التلف أنّما حدث بعد جمع ما يحتاج إليه منها في هذه الكتب المتداولة ، والاستغناء بها عنها ؛ لكونها أسهل للمتناول ، وأقرب ليد المتطاول ، كما صرّح به جمع من الأفاضل من الأواخر والأوائل. ولقد بقي جمٌّ غفير وغدير من ذلك اليمّ الغزير إلى زمن جمال الدين الطاووسي قدسسره القدّوسي ، بل إلى زمن هذا الناقل ، وقد استطرف جملة منها في آخر كتابه ( السرائر ) ، الذي أقبل عليه حال تأليفه بالشراشر ، ولم يذكر ما نقله في جملة ما استطرفه.
وليت شعري ما المرجّح لنقلهم : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا صلّى جهر ببسم الله الرحمن الرحيم (١) ، وإنّ الصادق عليهالسلام إذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم (٢) .. إلى غير ذلك ممّا يدلّ على التعميم ، دون أنْ ينقلوا التخصيص بما تعيّنت فيه القراءة ، مع أنّ هذا الحكم ممّا تعمّ به البليّة بين الفرقة الناجية الإماميّة ، لتكرّره في الأوقات الليليّة والنهاريّة. فلو فرض اشتمالها على ما يدلّ على ذلك الحكم المخصوص ولم ينقلوه مع توفّر الدواعي عليه ، ومسيس الحاجة إليه ، بل توقّفِ امتثال التكليف عليه ، لزم ما لا يجوز نسبته إلى الفرقة الإماميّة ، والإغراء بالجهل بلا مِرية لذي رويّة ، ما هذا إلّا جُزاف وخُراف ، خارج عن جادّة الإنصاف.
فظهر أنّ نقله عنهم عدم الاستحباب في الاخريات ، ناشئٌ ممّا قرّره من حدسه ، وقدّره في نفسه من الأشكال العقيمة ، والنتائج السقيمة ، بتوهّم دلالة الصحيحين المذكورين في آخر كلامه ، ممّا لا دلالة فيه على مرامه ، إذ قصارى ما دلّا عليه ألّا قراءة في الآخريّين. وخروجه عن محلّ النزاع ممّا شاع وذاع ، فإنّا لا نقول بالبسملة حال عدم القراءة ، فضلاً عن الجهر بها ، وليس ذلك من باب الكذب والافتراء ، ولا انتقاص به ولا إزراء ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ : ٣١٨ / ٨٧.
(٢) الكافي ٣ : ٣١٥ / ٢٠ ، الوسائل ٦ : ٧٤ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢١ ، ح ١.