الأخيرتين » (١) ، بل قد تقتضي الجهر بها في الأخيرتين كما مرّ قضاءً لحكم تبعيّتهما في الجهر والإخفات للأُوليين ؛ فأمّا أنْ يجهر الإمام عليهالسلام في الأُوليين فيلزم أيضاً جهرة في الأخيرتين ، وأمّا ألّا يجهر بها فيهما فيرد عليه أيضاً ؛ لحكمه بالاستحباب في الأُوليين ، إلّا إنّ عدم جهره عليهالسلام خلاف الظاهر ؛ لما عُلِم من ملازمتهم له في جميع الأوقات والصلوات ، على أنّ هذا الإشعار معارضٌ بإشعار بعض الأخبار بجهر الإمام بالبسملة وإنْ كانت القراءة بالإسرار ، كخبر جميل بن درّاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة؟ فقال : « بفاتحة الكتاب » (٢).
والتقريب فيه : أنّ الداعي للسؤال إنّ جميلاً يسمع الأئمّة يبسملون ، لكنّه لم يعلم أنّ البسملة للفاتحة أم لغيرها من السور ، فأجابه عليهالسلام بأنّها بسملة الفاتحة ، ولا ينافي ذلك احتمال كونه سؤالاً ابتدائيّاً عن حكم الإمام في الأخيرتين ؛ لكونه من الاحتمالات المساوية إنْ لم تكن راجحة ، وهو كافٍ في ضعف ذلك التأييد. وإنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وخلَعَ رِبْقة الاعتساف عن الجِيد ، ومَنِ امتطى عمياء الصدّ من غير تدبّر ، وركب متن عشواء الردّ من غير تفكّر ، فحين تقف على مجادلته قُلْ : كلّ يعمل على شاكلته ، وعلى الله قصد السبيل ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥٨٥.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٥ / ١١٨٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٨ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٤٢ ، ح ٤.