وأمّا الدعوى ، فأمّا أوّلاً ؛ فلمنع الأصل المذكور ؛ لأنّ الأصل الثابت في البسملة المستفاد ممّا مرّ من الأدلّة على استحباب الجهر بها من حيث كونها بسملة ، وكونها من شعار الشيعة ، وعلامات المؤمن أنّما هو الجهر ، كما في ( المدارك ) (١) ، وعن غيرها ، فدخولها في حكم الأصل وعموم الإخفات غير معلوم.
وأمّا صحيحا زرارة عن الباقر عليهالسلام اللذان هما الأصل في وجوب الجهر والإخفات كما قيل اللذان أحدهما : في رجل جهر في ما لا ينبغي الإجهار فيه ، وأخفى في ما لا ينبغي الإخفاء فيه ، فقال : « أيّ ذلك فعل متعمّداً فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإنْ فعل ذلك ناسياً أو ساهياً [ أو لا (٢) ] يدري ، فلا شيء عليه » (٣). وثانيهما في رجل جهر بالقراءة في ما لا ينبغي الجهر فيه ، وأخفى في ما لا ينبغي الإخفاء فيه ، أو ترك القراءة في ما ينبغي القراءة فيه ، أو قرأ في ما لا ينبغي القراءة فيه. فقال : « إنْ فعل ذلك ناسياً أو ساهياً فلا شيء عليه » (٤).
فقصارى دلالتهما وجوب الإخفات في ما ينبغي الإخفات فيه ، ولا دليل على أنّ البسملة ممّا ينبغي الإخفات فيه ، بل الدليل على خلافه ، وإنّ الثابت هو رجحان الجهر فيها. وقد مرّ أنّ جمعاً من فضلاء المجتهدين والمحدّثين قد صرّحوا باستثناء البسملة من المواضع الإخفاتيّة وعدّها من المواضع الجهريّة ، كما مرّ أنّ بعضهم جعل الأصل في الصلاة هو الإجهار لا الإخفات.
وأمّا ثانياً ؛ فلوجوب الخروج عن الأصل بما مرّ من الأدلّة على الاستحباب والوجوب ، والأخبار المستفيضة المعتبرة القويّة المترجّحة والمعتضدة بالشهرة المحقّقة بين الإماميّة ، بل الإجماعات المحصّلة والمحكيّة ، فإنّها بين عامّ للمنفرد ، وبين خاصّ به وللدلالة عليه متجرّد ، وبين ما كان ذكر الإمام فيه من قبيل المورد ، بل قد يتّجه الاستدلال به على العموم بضميمة أدلّة التأسّي ، إلّا في ما علم كونه من
__________________
(١) عنه في المدارك ٣ : ٣٦٠.
(٢) في المخطوط : ( فلا ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، الوسائل ٦ : ٨٦ ، أبواب القراءة ، ب ٢٦ ، ح ١.
(٤) التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٧ ، الوسائل ٦ : ٨٦ ، أبواب القراءة ، ب ٢٦ ، ح ٢.