أوّلاً : بأنّ الاحتياط لو قيل به موقوفٌ على ثبوت القول بالوجوب وصحّة دليله ، كي يندرج في قاعدة الدوران بين الشرطيّة والمانعيّة ، ومع العلم بانتفائه أو العلم بقصور مستنده ينتفي التفريع بالكلّيّة.
وثانياً : بمنع وجوب الاحتياط هنا بالتكرار ؛ أمّا على القول بعدم إجراء قاعدة الاحتياط في صورة الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة كما هو الظاهر فظاهر ، وأمّا عليه ؛ فلوضوح الفرق بينه وبين المتباينين ؛ لانصراف أدلّة الشرائط للعينين المتباينتين دون الصفتين ، وللشرائط المعلومة الشرطيّة الخالية عن شائبة المانعيّة ، ولانتفاء القطع بالمخالفة العمليّة ، والالتزامُ بقبح المخالفة الالتزاميّة ممنوعٌ في مثل هذه القضيّة.
ولضعف وجه الاحتياط هنا بهذا الوجه صرّح شيخنا المشار إليه في ما كتبه على ( الإرشاد ) في قبال الاحتياط بالإخفات بأنّ الاحتياط في اختيار المصلّي التسبيح في الأخيرة والأخيرتين ، من دون تعرّض للاحتياط بالتكرار بأثرٍ ولا عين.
وأمّا الاكتفاء في الاحتياط بتكرار خصوص البسملة ، دون الصلاة ، فاحتجّ له شيخنا الأُستاذ الكاظمي النجفي مشافهةً بدوران شرط الصحّة في البسملة بين الجهر والإخفات ، فيحصل الاحتياط بفعلها مع كلّ منهما.
وفيه أيضاً ـ : ما مرّ من عدم شمول أدلّة الشرائط لمثل المقام ؛ لظهور الشرط عرفاً في ما كان خارجاً عن حقيقة الشروط ، بخلاف ما نحن فيه ؛ إذ الجهر والإخفات عرضان لذات حروف الكلمات ، لا تتقوّم إلّا بأحدهما ، فلا يلزم من الإتيان بأحدهما مخالفةٌ قطعيةٌ عملية. وبسط الكلام بالتمييز بين جَزْله وهَزْله موكولٌ إلى محلِّه.
والوجه الجامع بين أخبار الهداة هو تأكّد استحباب الجهر في الأوّليّات من مواضع الإخفات ، وزيادة ذلك التأكّد للإمام ، كما هو مورد كثير من أخبار الأئمة الأعلام ، والتخيير في الأُخريات ، مع أولويّة اختيار الإخفات وإنْ كان الجهر أفضل كالمشهور ، والله العالم بحقائق الأُمور ، وإليه الرجعى في الورود والصدور.