خصوصيّة على غيرها من أجزاء القراءة اقتضت الجهر بها حيثما وقعت دون غيرها ، فهي متخصّصة وخارجة عن موضوع الإخفات ، فتستغني عن المخصّصات والمقيّدات.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّ البسملة على فرض عدم التخصّص وإنْ كانت آية من القراءة الإخفاتيّة ، إلّا إنّها خرجت بالدليل الخارجي المقتضي لإخراجها عن حكم القراءة في الأُوليين ، مع وجوب الإخفات بها ، فالكلام الكلام ، والجواب الجواب.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّ النسبة بين هذين الإطلاقين هي العموم من وجه ، ولا ريب أنّ المفزع فيه أنّما هو بالرجوع إلى المرجّحات ، وقد علم ممّا مرّ مراراً تكثّرها في جانب الجهر ، وفقدها في جانب الإخفات.
وأمّا قوله : ( فيتعيّن الاحتياط هنا لتعارض الدليلين ).
ففيه : ما مرّ من أنّ الترجيح بالاحتياط إنّما هو مع التساوي في جميع المرجّحات ، والأمر هنا ليس كذلك ؛ لبقاء الترجيح بالعرض على مذاهب العامّة وما كان قضاتهم وحكّامهم إليه أمْيل ، مع أنّ بعض المحقّقين جعل الاحتياط في الجهر كما مرّ ، فترجيح أحد الفتويين لا بدّ له من مرجّح ، والمرجّح لما لدينا موافقة شعار الشيعة قِوَام الشريعة ، والشهرة المحقّقة ، والإجماعات المستفيضة المحكيّة ، وقد تقدّم في البحث مع ابن إدريس ما فيه غُنْيةٌ وتأسيس.
وأمّا الاحتياط بتكرار الصلاة مع الجهر والإخفات ، فقد احتجّ له شيخنا المرتضى بعد ترجيحه التخيير على القول بإجراء أصل البراءة في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ، وعلى القول بوجوب الاحتياط فيه أيضاً بأنّ مرجع الشكّ هنا إلى المتباينين ، فيترجّح الاحتياط هنا حتّى مع القول بعدم وجوبه في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ؛ لمنع جريان أدلّة نفي الجزئيّة والشرطيّة هنا ، والالتزام بإلغاء الجزم بالنيّة في مثله (١).
ويمكن الجواب عنه :
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٥٠٢ ٥٠٣ ، بالمعنى.