وأمّا الثاني : فلكونه خروجا عن الفرض لانحصار المفروض في أمرين ، ولو سلّم أمر آخر متقدّم على الأمر الأوّل فلا يجدي في استقامة هذا الكلام ، كيف واحتمال التأكيد حينئذ جار في الجميع.
وربّما يعترض على الأوّل : بأنّ « الواو » يحتمل كونه للابتداء كما يحتمل كونه للعطف ، ولو عطف بغير « الواو » احتمل التأكيد أيضا.
وأورد عليه أيضا ـ على ما في كلام بعض الأعاظم ـ : برجحان كون « اللام » للعهد لسبق فهمه من مثله ، ولكونه فيه أشيع ، ولعدم الفائدة في ذكره على تقدير كونه لتعريف الماهيّة مع عدم إرادة العموم ، وفيهما أيضا نظر.
أمّا الأوّل : فلأنّ « واو » الابتداء لا معنى له إلاّ ما يسمّونه بالحاليّة كما نصّ عليه ابن هشام ، ليكون الكلام على حدّ قولك : « جاء زيد والشمس طالعة » وقولك : « جاء زيد ويسرع » وهو في محلّ البحث لا يستقيم إلاّ بتأويل ركيك مؤدّ إلى ارتكاب مخالفة الإضمار والتقدير ، من حيث إنّ الفعل الإنشائي لا يصحّ لأن يقع موقع الخبر إلاّ بذلك والحال وارد مورده ، وكون غير « الواو » للتأكيد غير معهود وعلى تقديره فغير مناف لظهور غير التأكيد عنه.
وأمّا الثاني : فلأنّ رجحان العهد في « اللام » بملاحظة سبق ذكره إنّما ينتفع لولا معارضة بعد وقوع التأكيد عقيب « الواو » كما لا يخفى ، وشيوع العهد في « اللام » إن اريد به الشيوع فيما سبق ذكر مدخوله فغير مجد ، وإن اريد الشيوع مطلقا فغير مسلّم ، كيف وإنّ الأصل في « اللام » كونه لتعريف الماهيّة.
ودعوى : عدم الفائدة حينئذ مع عدم إرادة العموم ، إن اريد بها عدم الفائدة بحسب المعنى حتّى لا يكون بين وجوده وعدمه فرق معنويّ في قوله : « صلّ ركعتين ، وصلّ الركعتين » فيدفعه : وضوح فساده ، ضرورة الفرق بينهما بكون مفاد الأوّل في المثال إحدى الاثنينيّات لا بعينها على سبيل البدليّة ، ومفاد الثانية ماهيّة الإثنينيّة ، وهو ربّما يؤدّي ثمرة في الأحكام كما لا يخفى.
وإن اريد بها عدم فائدة يعتّد بها.
ففيه : أنّه لم لا يجوز أن يكون فائدته التنبيه على أنّ المراد بالأوّل أيضا هو الماهيّة دون أحد الأفراد لا بعينه ، كما هو ظاهر ما يذكر مجرّدا عن « اللام » وممّا ذكر تبيّن حكم القسم السابع وهو عكس القسم السادس.