الأعلام وتبعه غيره من أن يحكم العقل بأنّ ذلك مراد المتكلّم أصالة.
وعلى جميع التقادير يلزم أن يكون بعض الأقوال متضمّنا لدعوى الأصلي وبعضها متضمّنا لدعوى التبعي ، ولا سيّما مع ملاحظة احتجاجهم بقاعدة المقدّمية ـ بناءا على ما استفدنا في بحث المقدّمة من كون النزاع في الوجوب التبعي ـ فبطل بذلك إطلاق كلّ من الدعويين ، وتنزيل كلامهم على الوجه الأعمّ إلى الأصلي مطلقا أو التبعي مطلقا ، بل الّذي يقتضيه النظر وقوع النزاع فيما بينهم بالنسبة إلى أصل النهي ماهيّة ولو تبعيّا ، فالنافي ينفيه على الوجه الأعمّ كالمصنّف في الضدّ الخاصّ والمثبت يثبته في الجملة.
غاية الأمر أنّ الاختلاف في كيفيّة الاقتضاء خلاف آخر وقع بين القائلين بالاقتضاء بعد إثباته في الجملة ، ولا ينافيه عدم تصريحهم بتعدّد النزاع ولا بحثهم في عنوانين ، نظير ما صنعه الأشاعرة في إدراك العقل لحسن الأشياء وقبحها ، لأنّ ذلك من باب تداخل العنوانين واندماج النزاعين طلبا للاختصار وإثباتا للدعويين على وجه مطلوب مرغوب.
نعم يبقى الكلام في أنّ الثمرات الّتي ذكروها هل تترتّب على النهي على الوجه الأعمّ حتّى ما لو كان تبعيّا أو لا؟ وهو كلام آخر يأتي إلى تحقيقه الإشارة فيما بعد ذلك إن شاء الله.
المرحلة الرابعة
فيما يتعلّق بكلمة « الضدّ »
وتفصيل القول في شرح « الضدّ » وبيان معانيه يأتي في شرح عبارة المصنّف إن شاء الله.
ولمّا كان بناء المسألة نفيا وإثباتا بالنسبة إلى الضدّ الخاصّ على مقدّمية ترك الضدّ لفعل المأمور به وعدمها ، أو على جواز اختلاف المتلازمين في الحكم وعدمه ، فالأنسب صرف عنان النظر إلى تحقيق الحال في هاتين المسألتين.
فأمّا المسألة الاولى : فالمشهور فيها إلى كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ ، والكعبي إلى كون فعل الضدّ مقدّمة للترك على عكس الاولى كما هو المعروف من مقالته في نفي المباح.
وربّما يعزى إليه المصير إلى المقدّمية من الطرفين ، غير أنّ الأوّل شرط للوجود والثاني علّة للعدم ، ونسب ذلك إلى مختصر الحاجبي وشرحه للعضدي حيث سلّما المقدّمية في الطرفين ، والمحقّق السلطان إلى منع المقدّمية من الجانبين بدعوى : كون كلّ مع الآخر من المقارنات الاتّفاقيّة من غير توقّف فيهما ، وعليه المحقّق السبزواري أيضا. وعزاه بعض الأعاظم إلى الكاظمي أيضا.