أصل
ذهب الشيخ رحمهالله وجماعة إلى أنّ الأمر المطلق يقتضي الفور والتعجيل * ؛ فلو أخّر المكلّف عصى ، وقال السيّد ـ رضي الله ـ هو مشترك بين الفور والتراخي ؛ فيتوقّف في تعيين المراد منه على دلالة تدلّ على ذلك.
__________________
* تنقيح المسألة يستدعي رسم امور :
الأوّل : في الإشارة إلى ما عثرنا عليه من الأقوال محصّلا ومنقولا وهي كثيرة :
منها : قول بالفور ، حكاه جماعة منهم المصنّف عن الشيخ منّا ـ كما في الهداية ، والكواكب الضيائيّة ، والفصول ـ وعليه المحقّق في موضع من المعتبر ـ على ما حكاه في الكواكب ـ وهو المحكيّ عن أصحاب القول بأنّ مطلق الأمر مفيد للتكرار كما في المنية.
وعن الحنفيّة ـ كما فيها والهداية والكواكب ـ وعن الحنابلة ـ كما في الأوّلين ـ والسكّاكي وأبي بكر الصيرفي وأبي الحسين البصري والكرخي والمالكيّة وجمع من الفقهاء والمتكلّمين ـ كما في الثالث ـ والقاضي وجماعة من الاصوليّين من العامّة واختاره جماعة من المتأخّرين أيضا ـ كما في الثاني ـ ولكنّ القاضي عدّه في الأوّل في أصحاب القول بالتراخي وخالفهما ما في الثالث من أنّه نقل عن القاضي أنّه قال : يجب في الحال إمّا الفعل أو العزم عليه مسندا له أيضا إلى ظاهر السيّد وكلّ من ذهب إلى بدليّة العزم.
فمن هنا تبيّن إنّ أصحاب القول بالفور بين قائل بعينيّة الفور وقائل بالتخيير بينه وبين العزم ، كما تنبّه عليه بعض الأفاضل بعد ما صرّح بأنّ هذا القول ينحلّ إلى أقوال عديدة ، لأنّ منهم من فسّر الفور بأوّل أزمنة الإمكان.
وبعضهم بالفوريّة العرفيّة فلا ينافيه تخلّل نفس أو شرب ماء أو نحو ذلك.
وبعضهم بالعرفيّة المختلفة باختلاف الأفعال كطلب شرب الماء ، وشراء اللحم ، والذهاب إلى البلاد القريبة أو البلاد البعيدة على اختلافها في البعد وتهيّؤ الأسباب.
وبعضهم بما لا يصل إلى حدّ التهاون ، وأطلق بعضهم فيحتمل كلاّ من الوجوه الأربعة ، وربّما يحمل على الفوريّة العرفيّة بأحد التقريرين.
أقول : ويمكن القول بتفسيره بثاني زمان الأمر أيضا كما احتمله بعضهم ، ثمّ إنّه جعلهم من جهة اخرى بين ثلاثة مذاهب ، لأنّ الظاهر من بعضهم كما يظهر من بعض الأدلّة الآتية