وحجّة القول بإفادته من جهة القياس دون اللفظ :
فعلى الجزء الثاني : أنّ المعلّق على الشرط أو الصفة لا يفيد التكرار بتكرّرهما عرفا ، فكذا لغة وشرعا.
أمّا الأوّل : فلأنّ من قال لغلامه : « إن دخلت السوق فاشتر اللحم » و « أعط هذا درهما إن دخل الدار » لم يحسن منه شراء اللحم كلّما دخل السوق ، وإعطاء المذكور كلّما دخل الدار ، ولو فعل ذلك لذمّه العقلاء وذلك دليل على عدم إفادة التكرار.
وأمّا الثاني : فإنّه لولاه لزم النقل وهو خلاف الأصل.
وأورد عليه : بأنّ ذلك مستفاد من القرينة ولهذا لم يطّرد في غيره من الصور ، فإنّ من قال لعبده : « إذا شبعت فاحمد الله » فهم منه التكرار.
وعلى الجزء الأوّل : بأنّ ترتّب الحكم على الشرط أو الصفة يشعر بكون ذلك الشرط أو الصفة علّة لذلك الحكم ، وإذا كان علّة تحقّق الحكم حيث تحقّقت.
أمّا الثاني : فظاهر ، وأمّا الأوّل : فلأنّ من قال : « إن كان هذا عالما فاقتله ونكّل به ، وإن كان جاهلا فأكرمه وأحسن إليه » ذمّه العقلاء واستقبحوا منه ذلك ، وكذا إذا قال : « استخفّ بالعلماء وأعظم الجهلاء » فهذا الاستقباح إمّا أن يكون من حيث جعل العلم علّة للقتل والتنكيل والاستخفاف والجهل علّة للإكرام والإحسان والتعظيم ، أو من جهة كون العلم ينافي الاستخفاف والجهل ينافي التعظيم ، والثاني باطل ، فإنّه لا امتناع في استحقاق العالم للقتل والاستخفاف بسبب ارتداد أو زنا أو غير ذلك من الامور الموجبة لاستحقاق ذلك ، ولا في استحقاق الجاهل للإكرام والتعظيم بسخاوته وشجاعته ، ولا يجوز إسناد الاستقباح إلى وجه آخر لتحقّق الحكم مع الذهول عن سائر الصفات بل ومع فرض عدمها ، فتعيّن الأوّل وحينئذ يتكرّر الحكم بتكرّره ضرورة وجود المعلول في جميع صور وجود علّته.
أقول : وكأنّ محصّل المراد أنّ اللفظ في الأمر المعلّق لا يدلّ على التكرار عرفا ولغة وشرعا ، وإنّما يدلّ على علّية المعلّق عليه شرطا أو صفة وهي مقتضية لتعدية الحكم إلى ما يحصل معه التكرار من باب القياس للعلّة المستنبطة.
والجواب : أنّ العلّيّة إن اريد بها المطلقة الدائمة فاستفادتها في القضيّة الشخصيّة ممنوعة ، وإن اريد بها الجزئيّة فاقتضاؤها تعدّي الحكم إلى ما يحصل معه التكرار ممنوع ، كيف وأنّ الحكم لابدّ وأن يتعلّل بعلّته وهي في غير المرّة الاولى غير ثابت العلّيّة.