الماهيّة ، مع أنّ المجاز على تقديره أولى من الاشتراك إلاّ أن يدفع الوضع لغير التكرار لغة وعرفا ، ولكنّه مناف لما نصّوا عليه من كون النزاع واقعا بين غير أصحاب القول بالتكرار ، إلاّ أن يرجع إلى دعوى الوضع في الهيئة التركيبيّة ، فيدفعه : الأصل النافي لطروّ الوضع لها بإزاء التكرار من غير لزوم نقل فيها ولا مجاز ، وكلّ هيئة لا يستعمل في معنى مغائر لمعاني مفرداتها ليردّد بين امور ثلاث منفيّ غير واحد منها بالأصل ، والقضيّة لا يستفاد منها إلاّ التعليق وهو مدلول للأداة لا الهيئة ، مع أنّه لا يستلزم التكرار كما عرفت ، فيبقى التكرار في الأمثلة المذكورة مراد من الصيغة فيلزم المجاز ولا معنى للأصل حينئذ ، أو من الخارج فلا يلزم فلا حاجة إلى الأصل.
والجواب عن الثالث (١) : بأنّ مضمون الدليل مسلّم والمدّعى مع ذلك غير ثابت ، لما ذكرنا مرارا من أنّ ترتّب الجزاء على الشرط في الجملة لا يوجب التكرار المبنيّ على دوام السببيّة ، ومجرّد التعليق قاصر عن إفادته ، وقد ذكرنا أنّ كلام أهل المنطق لا يقضي بما زاد على ذلك.
واستدلّ أيضا : بأنّه لو تكرّر الفعل بتكرّر العلّة لتكرّر الشرط أيضا بطريق أولى ، لأنّ الشرط ما يعدم بعدمه المشروط بخلاف العلّة لجواز تخلّف علّة اخرى عنها.
واجيب عنه : بعد النقض باشتراكهما في جواز الخلافة لو سلّم في العلّة ، بثبوت الفارق بينهما ، فإنّ التكرار في العلّة إنّما هو لاستلزام وجودها وجود المعلول وذلك منتف في الشرط وأمّا التلازم بين العدمين فهو لا يوجب التكرار ومع ذلك فهو مشترك بينهما ، فالأولويّة في الشرط ممنوعة بل الأمر بالعكس قطعا.
حجّة القول بالتفصيل بين ما علّق على العلّة وغيره ـ على ما قرّره بعض الأجلّة ـ فعلى الشقّ الثاني : وضع الصيغة للماهيّة من حيث هي من دون إفادة للتكرار ، ومجرّد التعليق لا يستلزمه عقلا ولا عرفا ، ولم يثبت كونه مخرجا لها عن الوضع اللغوي فالأصل بقاؤها عليه حتّى يثبت خلافه ، بل يقيّد بقيدي المرّة والتكرار معا فيقال : « إن جاءك زيد فأكرمه مرّة أو مرارا ».
وعلى الأوّل : بعد الإجماع المدّعى من الحاجبي والعضدي والبهائي وغيرهم ، استحالة تخلّف المعلول عن العلّة التامّة ، ولزوم تحقّقه كلّما تحقّقت ، وكلّ من الوجهين متين لا ننكره إلاّ كون الثاني ممّا تعلّق به النزاع كما عرفت سابقا.
__________________
(١) وفي الأصل : « والجواب عن الثاني » والظاهر أنّه سهو من قلمه الشريف ، ولذا صحّحناه بما في المتن.