احتمال لا ينبغي الاعتداد به لوضوح فساد مبناه على ما سنحقّقه.
ثمّ إنّه بالمعنى الثاني كالأمر في انقسامه إلى ما سبق في بحث المقدّمة وغيرها من الأقسام ، فقد يكون مطلقا ، وقد يكون مشروطا ولو بالقياس إلى الشرائط الأربع المعروفة ، وقد يكون تعبّديّا كالصوم الواجب بناءا على تعلّق التكليف فيه بالتروك وإن عبّر عنها بأمر وجوديّ ، وقد يكون توصّليّا وهو الغالب ، وقد يكون نفسيّا وقد يكون غيريّا ، وقد يكون أصليّا وقد يكون تبعيّا ، ويعرف تفاسير الجميع بملاحظة ما سبق فلا حاجة إلى الإعادة.
وإنّما الغرض المهمّ بيان أنّ المراد به هنا أيّ واحد من الأقسام وقد وقع فيه خلاف ، فمن الأعلام من صرّح بكون النزاع في النهي الأصلي في غير موضع ـ هنا وفي بحث المقدّمة ـ مع اعترافه بثبوت النهي التبعي بعد ما اختار هنا القول بعدم الاقتضاء ، التفاتا إلى أنّه لا يثمر الثمرات المذكورة في المقام من ترتّب العقاب على فعل الضدّ وفساده لو كان عبادة إلاّ النهي الأصلي.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّ الفساد المستفاد من النهي المتعلّق بالعبادة ليس من جهة دلالة اللفظ عليه ابتداء ، بل من جهة منافاة التحريم لصحّة العبادة ، وحينئذ فأيّ فرق بين استفادة التحريم من اللفظ ابتداءا ومن العقل بواسطة اللفظ كما في المقام أو من العقل المستقلّ.
إلى أن قال في آخر كلامه : « فتلخّص ممّا قرّرنا أنّ النزاع في المقام في تعلّق النهي الغيري التبعي بالضدّ ، فالقول بكون الأمر بالشيء مستلزما للنهي عن ضدّه إنّما يعنى به ذلك ، والقائل بعدمه يمنع عن حصول النهي عن الضدّ من أصله » ... إلى آخره.
ولا يخفى أنّ هذا النزاع ممّا لا يعلم له وجه بعد ملاحظة أقوال المسألة الدائرة بين القول بنفي الاقتضاء وإثباته على طريق العينيّة أو التضمّن أو الالتزام اللفظي أو العقلي ، بل الاستدلال عليه من الطرفين يشبه بأن يكون اجتهادا في مقابلة النصّ ، فإنّ الالتزام العقلي غير خال من أن يكون المراد به الغير البيّن كما يظهر من المصنّف عند نقله القول بانحصار الاستلزام في المعنوي عن بعض أهل عصره ، بناء على أن يكون مراده بالمعنوي هو العقلي وأن يكون الغير البيّن مدلولا تبعيّا ، أو ما يعمّ البيّن بالمعنى الأعمّ أو الغير البيّن كما فهمه بعض المحقّقين من كلام المصنّف في مفتتح المسألة ، حيث حمل الاقتضاء المعنوي الّذي نفاه المصنّف عن الضدّ الخاصّ على أن يجزم العقل بعد تصوّرهما باللزوم بمجرّد تصوّرهما أو بالدليل ولم يكن تصوّره فقط مستلزما لتصوّره ، أو المعنى الّذي فهمه بعض