يبلغ نصاب السرقة ، وأحالها آخرون على العرف ، كرطل خبز وغيره ممّا يعتاد فيه المعاطاة ، وهو تحكّم.
والّذي اختاره متأخرو الشافعيّة ، وجميع المالكيّة انعقاد البيع بكلّ ما دلّ على التراضي ، وعدّه الناس بيعا وهو قريب من قول المفيد رحمهالله وشيخنا المتقدّم وما أحسنه وأمتن دليله ، إن لم ينعقد الإجماع على خلافه) (١) ، انتهى.
ومراده من الشيخ المتقدّم ما حكاه أوّلا عن بعض معاصريه من القول باللزوم ، لكن بشرط كون الدالّ على التراضي لفظا.
إذا عرفت ذلك ظهر لك أنّ حقّ العبارة أن يقول بعد ذكر قول : من اكتفى بكلّ ما دلّ على التراضي وعدّه الناس بيعا : ليشمل المعاطاة ، لا بعد ذكر قول : من اعتبر مطلق اللفظ في اللزوم ، فإنّ العبارة حينئذ تفيد خلاف المقصود.
قوله : (إلّا أنّ المظنون قويّا تحقّقه على عدم اللزوم) (٢).
من الغريب رفع اليد عن الأدلّة الثمانية الدالّة على اللزوم بالإجماع الظنّي ، بل ليس ذلك إلّا لعدم تلك الأدلّة ، وعدم كون التعاطي من البيع في شيء.
قوله : (بل يظهر منها أنّ إيجاب البيع باللفظ دون مجرّد التعاطي كان متعارفا بين أهل السوق والتجّار) (٣).
يعني أنّهم إذا أرادوا اللزوم لم يكتفوا بالتعاطي ، بل أوجدوا البيع بالإيجاب والقبول اللفظيين ، وهو كذلك حتّى في زماننا هذا ، لكن ليس ذلك إلّا لعدم كون
__________________
(١) مسالك الإفهام : ٣ / ١٥٢.
(٢) المكاسب : ٣ / ٥٩.
(٣) المكاسب : ٣ / ٥٩.