ليس من الفعل والانفعال في شيء ، فالوجه حينئذ حصول الإباحة بتحقّق الرضا بالتصرّف من دون أن يصير المال ملكا للمباح له ، وجواز جميع التصرّفات عدا المتوقّفة على الملك وحصول الملكيّة للمبيع بدفع للعوض من جهة اليد ، فالواقع من أحدهما حينئذ إباحة ، ومن الآخر هبة ، يترتّب على كلّ منهما ما يترتّب عليه مع الانفراد.
ولا وجه للحكم باللزوم لا مطلقا ، ولا من طرف المباح له خاصّة ، وإن بنينا على كونه معاوضة مستقلّة ، لأنّ مجرّد ذلك لا يوجب خروج حقيقة الإباحة عن كونها إباحة ، فيكون التمليك من الآخر مجانيا ، إلّا إذا خرج الإباحة عن حقيقتها ، فيمكن حينئذ إخراج التمليك عن المجانية بأن جعل المقابلة بين المال والمنافع ، فالواقع من المبيح حينئذ يكون إجارة ، والمال من المباح له عوضا للمنفعة ، فتكون المعاطاة حينئذ معاطاة إجارة ، وهو خلاف المفروض.
والحاصل ؛ أنّ اللزوم هنا لا يتصوّر إلّا بإخراج الإباحة عن حقيقتها وجعلها من قبيل الإجارة ، وباقي الكلام فيها في التنبيه الخامس.
ومنه يظهر الكلام في الإباحة بالإباحة ، وجريان أحكامها في الطرفين من غير حاجة إلى جعلها مشمولة لعموم التجارة والبيع ، أو جعلها نوعا من الصلح ، أو معاوضة مستقلّة مستفادا مشروعيّتها من عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» (١) بل يكفي فيها ما دلّ على جواز التصرّف في مال الغير برضاه.
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٩١.