قوله : (وقد عرفت سابقا أنّ تعريف البيع بذلك تعريف بمفهومه الحقيقي) (١).
وفيه ما قد عرفت من أنّ حقيقة البيع هي العلقة البدليّة الحاصلة بين العينين بإنشاء مستقلّ من طرف ، والمطاوعة من الطرف الآخر ، وليس من التمليك في شيء ، ولذا لو باع العين الخارجي من زيد باعتقاد كونه عمرا فتبيّن كونه زيدا صحّ البيع ولزم ، وإن لم يتحقّق طيب النفس في البيع عليه بالخصوص.
ولو كان تمليكا لم يكن وجه لتملّك زيد مع عدم كون البائع قاصدا له بالخصوص صحّ البيع للموكّل من غير إشكال.
وقد صرّحوا بأنّ العينين ركنان في البيع ، والشخص غير ملحوظ فيه ، ولا يلائم ذلك كون البيع تمليكا.
نعم ؛ يترتّب عليه الملك ، ولكن لا يلازمه ذلك ، بل ينفكّ عنه إذا كان هناك مانع عن ترتّب الملك ، كما في بيع العبد ممّن ينعتق عليه ، فيترتّب عليه الانعتاق ، وبيع الدين ممّن عليه الدين ، فيترتّب عليه البراءة.
وبما ذكره المستشكل من أنّ التمليك ظاهر في الهبة ، وذلك لما عرفت من اقتضاء التمليك ملحوظيّة الشخص في الإنشاء ، فيكون قوله : ملّكتك ، في نفسه ظاهرا في التمليك المجّاني الأعم من الصدقة والهبة ، ومع التعقيب بالعوض يكون ظاهرا في خصوص الهبة ، حيث إنّ الشخص ملحوظ في التمليك ، والاشتراط لا يصحّ إلّا في الهبة ، فيكون من الهبة المشروطة فيها الثواب.
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ١٣٢.