المرجع هو العامّ ؛ لكون التخصيص بالدليل المنفصل المجمل ، هذا غاية تقريبه قدسسره ولا يخفى ما فيه.
أمّا أوّلا : فلأنّه ما لم يتمّ الاستناد لا يكون شيء من العمومات دليلا على الصحّة ؛ لما ذكرنا في مفاد عموم (أَوْفُوا) من أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي التوزيع ، فكلّ أحد يجب عليه الوفاء بعقده لا بالعقد الصادر عن آخر أجنبيّ عنه ، فالعقد الصادر عن الفضول ما لم يستند إلى المالك لا يصير المالك متعلّقا لخطاب الوفاء به ، سواء قلنا : إنّ مفاد (أَوْفُوا) حكم وضعي ـ كما هو الحقّ على ما سيأتي ـ أو أنّه حكم تكليفي ينتزع عنه الحكم الوضعي ، على ما اختاره المصنّف قدسسره على ما سيأتي.
وأمّا آية الحلّ ؛ فلا شبهة أنّ المراد من البيع فيها هو المعنى الاسم المصدري ، أعني ما هو نتيجة البيع بالمعنى المصدري ، وما هو عبارة عن المبادلة بين المالين الّذي هو التجارة بمعنى التكسّب ، ومعلوم أنّه لم يتحقّق من الفضول ، وإنّما الصادر عنه البيع المصدري وبالإجازة يصير بيعا وتجارة من المجيز ، فمع عدم الاستناد ليس بيعا بالمعنى الاسم المصدري ، وبالإجازة يصير بيعا وتجارة من المجيز ، فمع عدم الاستناد ليس بيعا بالمعنى الاسم المصدري حتّى يتعلّق به حكم الحلّ ببركة العموم.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما أفاده من انفصال المخصّص عن العامّ ممنوع ، كيف ، وآية التجارة (١) من العمومات الواردة في مساق بقيّة العمومات ، وقد خصّص بقيد الرضاء بقيد متّصل؟ وكون التخصيص فيها بالمتّصل يستلزم كون ما عداها
__________________
(١) النساء (٤) : ٢٩.