وبين القسمين فرق ، إذ في الخارجيّات يترتّب وجودها على إيجادها بلا مهلة ، ولا يعقل التفكيك بينهما ، فإذا تحقّق الكسر يتحقّق الانكسار ، أو التسخين يتحقّق التسخّن.
وأمّا في الاعتباريّات ففيها مرحلتان : مرحلة وجود المنشأ في موطن الإنشاء ، وهذه المرحلة كالخارجيّات لا ينفكّ المنشأ فيها بوجوده الإنشائي عن الإنشاء ، ودخله تحقّق المنشأ في عالم الاعتبار ، وهذه المرحلة يمكن انفكاكها عن الإنشاء ، وذلك فيما إذا توقّف تحقّقه على اعتبار أمر آخر اعتبره من بيده الاعتبار ، إذ ليس كلّ منشئ ممّن بيده الاعتبار ، وعلى هذا ففي مثل ملّكت الماء أيضا يتحقّق المعنى الإنشائي بالإنشاء ، لكنّه لا تحقّق له في عالم الاعتبار.
إذا ظهر ذلك ؛ فنقول : أمّا الخارجيّات ؛ فلا يخلو إمّا أن تقبل النيابة كالضرب ونحوه ، أو لا تقبل النيابة ، وعلى كلا التقديرين فشيء منهما لا تقبل الفضولي ، أمّا ما ليس قابلا للنيابة فواضح ؛ إذ كلّما تحقّق يكون مستندا إلى مباشرة محضا.
وأمّا ما يقبل النيابة فإن كان بإذن من الغير سابقا على وقوعه يكون مستندا إلى الإذن ، وإن لم يكن مع سبق الإذن فلا يصير بالإذن اللاحق مستندا إلى الإذن ، كما إذا ضرب أحد وأنت تجيز ضربه بعد العلم بصدوره ، وذلك لأنّ ضربه هذا له جهتان ، وهما جهة صدوره عن الفاعل بالمعنى المصدري وجهة صدوره وتحقّقه في الخارج بالمعنى الاسم المصدري ، وإذا استنابه في ضربه يستند الضرب إلى المنوب عنه ، وإذا أجازه بعد صدوره لا يستند إليه بالإجازة ، لا بمعناه المصدري ولا بمعناه الاسم المصدري ، أمّا معناه المصدري ، فلاستحالة انقلابه عمّا وقع