لكن هذا المبنى ضعيف في الغاية ، لظهور كون هذا النهي إرشاديّا ، كالنهي عن المعصية ، والأمر بالطاعة ، وعليه يكون النهي عن الإعانة تقريرا لحكم العقل بقبح التجرّي ، وحرمته الّتي أثبتنا في محلّه كونها عقليّا لا شرعيّا.
ولا ريب أنّ التجرّي في مقدّمات الحرام لا يتحقّق إلّا بقصد المقدّمية ، وقصد التوصّل به إلى المحرّم ، وعليه يتّجه عدم التحريم مع عدم قصد الإعانة من البائع ، فظهر اعتبار قصد الإعانة بما ذكر ، لا بما ذكره من أخذه في مفهوم الإعانة بحسب الوضع.
لكن يبقى الإشكال حينئذ من جهة إطلاق أخبار المنع عن بيع الخشب لمن يعلم أنّه يعمله صنما (١) ، مع بعد حملها على صورة وقوع القصد إلى الإعانة على جعله صنما ، لظهور عدم وقوع هذا القصد من المسلم.
قوله : (وتوهّم أنّ الفعل مقدّمة له) (٢).
أي الشراء مقدّمة للتجرّي ، لتوقّف تحقّق المركّب على تحقّق أجزائه.
قوله : (مدفوع بأنّه لم يوجد قصد إلى التجرّي حتّى يحرم ، وإلّا لزم التسلسل ، فافهم) (٣).
يعني أنّ مقدّمة الحرام إنّما تحرم إذا أتى بها بقصد المقدميّة لا مطلقا ، والتجرّي الحاصل بفعل الشراء بقصد التخمير غير مسبوق بقصد إلى التجرّي حتّى يوجد الشراء بقصد المقدّميّة إلى حصول الحرام أعني به التجرّي.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧٦ الباب ٤١ من أبواب ما يكتسب به.
(٢) المكاسب : ١ / ١٣٨.
(٣) المكاسب : ١ / ١٣٨.