قوله : (وقد يستشكل في صدق الإعانة) .. إلى آخره (١).
الأقوال في ذلك ثلاثة :
أحدها : كون الإعانة هي فعل بعض مقدّمات فعل الغير ، سواء قصد الحصول معه أم لا.
ثانيها : كونها ذلك ، مع قصد الحصول لا مطلقا.
ثالثها : ذلك ، مع وقوع المعان عليه أيضا ، لا مع عدمه ، وإن قصده.
وتحقيق القول في ذلك خروج القصد عن حقيقة معنى الإعانة ، لعدم كونه جزءا للموضوع له وصدقها على مطلق فعل بعض مقدّمات فعل الغير ، بل ومع وقوع ذلك الفعل منه أيضا ، لأنّه بدونه لا يصدق إلّا قصد الإعانة دون الإعانة الواقعيّة ، لظهور امتناع صدق الإعانة من دون وقوع المعان عليه.
فصدق العنوان بنفسه غير متوقّف على القصد ، إلّا أنّ انتسابه إلى الفاعل ظاهر في إرادته وقصده له ، كما في كلّ عنوان ينسب إلى الفاعل.
فإنّ الظاهر تعلّق قصده إلى ذلك العنوان ، وإرادته له ، فالقصد حينئذ مستفاد من الانتساب ، لا أنّه مأخوذ في المادّة ، كما توهّم.
وحينئذ فلو بنى على كون النهي عن الإعانة نهيا شرعيّا ، وتحريمها تحريما شرعيّا كان المتّجه حرمة بيع العنب لمن يعمل خمرا ، وإن لم يقصد بيعه ذلك ، وكفاية علمه بعمله ، لما عرفت من صدق الإعانة ، ولو مع عدم قصد المقدميّة لفعل الغير.
__________________
(١) المكاسب : ١ / ١٣٢.