وعن أدلّة النهي عن المنكر بعدم دلالتها على وجوب التعجيز عن المنكر ، ولو بالمنع عن المقدّمات ، بل غايته المنع عن نفس الحرام ، ووجوب ردع من همّ بها وأشرف عليها بحيث لو لا الردع لفعل.
ولو سلّم ذلك ؛ فإنّما يحرم البيع بمنع الانحصار ، لحصول العجز حينئذ عن التخمير بعدم بيعه ، لا مع عدم الانحصار ، لعدم حصول العجز حينئذ بعد وجود مانع آخر يمكنه الشراء منه للتخمير.
هذا ؛ ولكن يشكل الفرق ـ بناء عليه ـ بين بيع العنب لمن يعمله خمرا ، وبين الخشب لمن يعلم أنّه يصنعه صنما ، فإن بنى على التفصيل في بيع العنب ، فينبغي التفصيل أيضا في بيع الخشب.
مع أنّ الأخبار المانعة فيه مطلقة ، فلا بدّ من تقييدها أيضا بصورة الاشتراط ، أو قصد البائع من البيع جعله صنما ، والتقييد بهما في غاية البعد ، بل حمل على فرض أمر واقع ، لأنّ المسلم لا يقدم على مثل هذا البيع.
وكيف كان ؛ فقد اتّفقت كلمتهم على [أنّ] مثل هذا البيع مترتّب على التحريم ـ أي تحريم تسليم المبيع ـ فكلّ مورد حكمنا بتحريم تسليم العنب إلى المشتري الخاصّ حكم بفساد بيعه بالنسبة إليه وحرمة ثمنه ، وليس ذلك إلّا ما قدّمناه من كون القدرة على التسليم شرعا ؛ شرطا في صحّة البيع.
ولا وجه بعد ذلك للإشكال في الفساد بأنّ النهي متعلّق بما هو خارج عن المعاملة ، أعني الإعانة على الإثم ، أو المسامحة في الردع ، كما ذكره المصنّف.