علمهما على خروج العين عن الماليّة بعد العقد إقدام منهما على إتلاف العين مطلقا ، أي حتّى بماليّتها ؛ إذ هما لم يقدما إلّا على البيع والشراء ، وهما ليسا إتلافا للعين وماليتهما ، لعدم قصدهما إلّا التمليك والتملّك ، والانعتاق حكم شرعي تعبّدي قهريّ لا ربط له بهما ، بل لو قصدا الانعتاق بطل.
وتنظير المقام بسقوط الخيار بالإتلاف بعد العقد (١) ليس في محلّه ؛ لأنّ الإتلاف بعنوان كونه كذلك لا يكون مسقطا للخيار ، بل كلّ تصرّف كاشف عن الرضا بالبيع بعد تحقّقه وثبوته موجب لسقوط الخيار.
وما نحن فيه ليس كذلك ؛ إذ ليس منهما إتلاف ، ومجرّد التلف القهري لا دليل على كونه أيضا كاشفا عن الرضا ببقاء البيع ، كما في التلف السماوي بعد البيع.
والحاصل ؛ أنّ البيع والشراء ليس إتلافا من المتبايعين مع علمهما بالانعتاق بحسب قصدهما ، فهو كما لو باعا مع علمهما بالخيار ، فإنّه ليس إقداما على الخيار وجعلا له حتّى يكون راجعا إلى اشتراط الخيار في مثل خيار المجلس المجعول من الشرع.
فإذا لم يكن ما نحن فيه من قبيل الإتلاف فلا مانع من الحكم بثبوت الخيار بمقتضى عموم أدلّته ، غاية الأمر لمّا لم يمكن استرجاع العين ، يجب دفع البدل كما مرّ ، ولعلّ أمر الشيخ قدسسره بالتأمّل (٢) ناظر إلى ما ذكرنا. فتأمّل.
وممّا استثني من أقسام البيع عن خيار المجلس ؛ العبد المسلم المشترى
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٣٩.
(٢) المكاسب : ٥ / ٤٠.