ثمّ إنّه كما لا بدّ أن يكون لذلك الموضوع الّذي طرأ عليه الإكراه وغيره أثر شرعيّ كان المقصود من الرفع رفعه كذلك ، يعتبر أن يكون رفعه مطابقا للامتنان على العباد ، إذ الحديث ورد في مقام الامتنان ، فلا يرتفع به ما ليس فيه الامتنان على العباد ، كما هو ظاهر.
فنقول : إنّ الخيار وإن كان من الأحكام والآثار الشرعيّة الّتي أمر جعله ورفعه بيد الشارع ، ولكن الشارع ما جعل هذا الخيار مطلقا ، بل في ظرف عدم الافتراق بعد البيع ، فالموضوع الّذي جعل حكمه الخيار عدم الافتراق ، فحينئذ لو كان الافتراق غاية للمجعول ، بأن يكون جعله الخيار غير مغيّا وكان الخيار المجعول مغيّا ، فلو كان رفع الخيار وإفناؤه بعد الافتراق من المجعولات الشرعيّة أيضا ؛ إذ تقييد المجعول بالغاية يدلّ على انتفاء الحكم عمّا بعد الغاية بالدلالة اللفظية المفهوميّة ، فحينئذ ؛ يكون للافتراق أثرا شرعيّا ، وهو رفع الخيار.
فإذا صار «ممّا استكرهوا عليه» يرفع هذا الأثر الشرعي وينزل وجوده كالعدم ، فنقول : إنّ ما ترتّب على الافتراق لو لم يكن عن إكراه عند تحقّق الإكراه مرفوع ، فنقيضه وهو الخيار ثابتا ، باقيا.
وأمّا لو كانت الغاية غاية لأصل الجعل ، بمعنى أن جعل الشارع للخيار ما دام عدم الافتراق كما هو الظاهر من كلّ قضيّة غائية ، وقد برهن في محلّه. فحينئذ مفهومه عدم جعل الخيار بعد الغاية لا جعل عدم الخيار ، وعدم الجعل ليس حكما شرعيا وأثرا مجعولا للافتراق ، فإذا لم يكن كذلك فلا يكون للافتراق أثر شرعي كان قابلا للرفع بالإكراه عليه ولو بنينا على جريان الحديث في الأحكام الوضعيّة.