وسلطنتهم على أموالهم باقية ما لم يناف مع سلطنة الآخر في ماله ، وإلّا فينقطع ، لأنّه لا خفاء أنّ الحكم المستفاد من القاعدة إرفاقي والناس فيه شرع ، وفي الأحكام الإرفاقية والامتنانية لا بدّ من أن يلاحظ حال جميع الناس على سبيل التسوية.
والثانية ؛ أنّه إذا تعارض بين السلطنتين فارتفعت إحداهما وانعزلت عن التأثير بالنسبة إلى أحد الشخصين فلمّا لم تكن المعارض فيجوز تصرّف الآخر وإعمال سلطنته.
إذا ظهرت المقدّمتان ؛ فنقول في المقام : إن لكلّ من الغارس والمالك أمرين :
أمّا للأوّل ؛ فأحدهما إبقاء ما غرسه والآخر إشغال الأرض.
وللثاني ؛ أحدهما تفريغ أرضه والآخر قلع الشجر ، ففي كلّ واحد من الطرفين أحد الأمرين مقدّمة للآخر ، فالإبقاء مقدّمة للإشغال ، وكذلك القلع مقدّمة للتفريغ ، ولكنّ التفريغ ليس منافيا لسلطنة الغارس.
نعم مقدّمته وهو القلع مناف ؛ لأنّه تصرّف في مال الغير ورفع لسلطنته ، بخلاف طرف الغارس ، فإنّ في نفس الإبقاء الّذي هو المقدّمة يكون تصرّفا في مال الغير ، فيكون مقامنا من تعارض السلطنتين.
ولا مخرج للرجوع إلى قاعدة الضرر وجعلها حاكما ـ كما قد يقال ـ لأنّا أشرنا في محلّه ، بأنّ كلتا القاعدتين قد سيقت للامتنان وجعلت للإرفاق ، فلا يكون لأحدهما حكومة على الآخر ولا نظر ، بل لا بدّ من الرجوع إلى قاعدة اخرى حاكمة عليهما ، أو لاصول.