وقد صرّحوا في باب الصلح بأنّه إذا خرجت أغصان شجرة إلى ملك الجار ، له عطفها بنفسه إن أمكن ، وإلّا قطعها ، ولا يحتاج إلى إذن الحاكم أيضا فيما لو امتنع مالك الأغصان مباشرته ذلك (١).
فرع آخر : إذا ثبت لمالك الأرض حقّ القلع فلا يحتاج في ذلك رجوعه إلى الحاكم حتّى يجبره لو امتنع الغارس المباشرة بنفسه ، بل يجوز لصاحب الأرض أن يباشر بنفسه ؛ لأنّه إذا لم يكن له حقّ الإبقاء فقد خرج ماله من هذه الجهة عن الاحترام.
مع أنّا فرضناه مهاجما وإن لم يخرج ماله عن الحرمة من رأسه ، ولأنّ إلزامه على القلع فلمّا لم يرجع إلى مصلحته ، لا دليل على هذا الإلزام ، كما أشاروا إليه في باب العارية والشفعة وغيرها (٢).
وبالجملة ؛ لا مجال بالتمسّك بقاعدة الاحترام وعدم جواز التصرّف في مال الغير ، كما قد يتوهّم.
فرع ثالث : إذا قلع صاحب الأرض الغرس فعليه الأرش ، فهو التفاوت ما بين كونه مقلوعا وثابتا لا باقيا ، ولكنّ الحكم ليس لقاعدة الضرر ؛ لأنّا قلنا : إنّه لا يثبت بها نفي الضرر المالي ، أي الماليّة ، لأنّه ملازم لإثبات الحقّ في ذمّة الغير ، مع أنّه مناف لسلطنته ، وقد أشرنا أنّهما لا يتعارضان ، بل لقاعدة الاحترام من أنّ «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» (٣).
__________________
(١) راجع! مفتاح الكرامة : ٥ / ٥٠٤ ، المناهل : ٣٨٨ و ٣٨٩ ، جواهر الكلام : ٢٦ / ٢٧٧.
(٢) راجع! مختلف الشيعة : ٥ / ٣٥٦ ، شرائع الإسلام : ٢ / ١٧٣ و ٣ / ٢٦٠ ، مفتاح الكرامة : ٦ / ٦١ و ٣٨٣.
(٣) عوالي اللآلي : ٣ / ٤٧٣ الحديث ٤ ، سنن الدار قطني : ٣ / ٢٣ الحديث ٢٨٦٥ (البيوع).