مع أنّ الغارس ليس بظالم ، والقلع ليس بأمره ومصلحته ، بل لمصلحة المالك وأمره ، فعليه الأرش حفظا لاحترام مال الغارس.
فلا يتوهّم أنّه إذا فرضتموه مهاجما فلازمه نفي حرمة ماله ، لأنّا فرضناه مهاجما من جهة إبقاء ماله في الأرض المغروسة فيها بعد الفسخ ؛ لا أن يكون مهاجما من الأصل ، كما في الغاصب الّذي هو مهاجم من الأوّل بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ الغرس بقاؤه في نفسه محترم لأنّ أصل وضعه يكون عن حقّ ، فاحترام الخصوصيّة الشجرية باق.
نعم ؛ لا نلتزم بتغريم التفاوت بين كون الشجر مقلوعا وباقيا على الأرض ، بل الملتزم هو التفاوت بين خصوصيّة الشجرية والخشبيّة ؛ لأنّ ما لم يكن له حقّ الإبقاء بل لو رضي المالك بالبقاء ، فعلى الغارس الاجرة لا مجّانا ، فلا موجب لتقويمه باقيا على الأرض ، كما قد يتخيّل ، حتّى يعطى التفاوت بينه وبين المقلوع.
وبالجملة ؛ ما لم يقم دليل على نفي حرمة الخصوصية فقاعدة الاحترام محفوظة ، واقتضاؤها لغرامة الماليّة ثابت.
أقول : أمّا الفقهاء ـ قدّست أسرارهم ـ تمسّكوا لإثبات الأرش في نظائر الباب بقاعدة الضرر ، ولم أجد من صرّح أو أشار بمدرك غيرها ، وما دريت أنّ قاعدة الاحترام هل هي قاعدة مستقلّة ، أم هي متّخذة من هذه القاعدة «لا ضرر» ونظائرها؟
وأمّا الاستاد ـ دام ظلّه ـ لمّا كان مسلكه عدم تقديم قاعدة الضرر على السلطنة لما أشرنا آنفا ، وقد وسّع مع ذلك دائرة هذه القاعدة حتّى بالنسبة إلى