اشتغال الذمّة ، بمعنى أنّه أفاد أنّ الناس كما أنّهم مسلّطون على أموالهم ، كذلك على ذممهم ، فكلما استلزم إجراء هذه القاعدة إثبات شيء على ذمّة الغير فهي لا تجري ؛ لأنّه مناف لسلطنة الغير على ذمّته ، فبالنسبة إلى [هذا] يصير مخالفا للامتنان.
وأنت خبير بأنّه لا يستفاد من هذه القاعدة سوى السلطنة على الأموال ، ولا إشعار فيها لإثبات السلطنة على الذمم كما أفاد ، مع أنّ بسبب إضرار الغير يشتغل الذمّة قهرا ، إلّا أن يثبت سلطنة الناس على ذممهم من هذه القاعدة بالأولويّة ، كما زعمه بعض ، فتأمّل.
ولا يبقى للغارم اختيار حتّى يمنع عن اشتغال ذمّته ، مضافا إلى انصراف قاعدة السلطنة عن السلطنة بالنسبة إلى الذمّة لو لم نقل بعدم شمولها لها أصلا ، مع أنّه يلزم من ذلك تضييق دائرة قاعدة «لا ضرر» جدّا ، وهي قاعدة سارية ، بل عليها أساس جلّ الفروع الفقهيّة في أبواب المعاملات وغيرها ، فكيف يلتزم بما ذكر؟!
ثمّ إنّه لما كان تعسّفا في جعل الغارس عند قلع غرسه مدافعا ، مع أنّه في الحقيقة مهاجم ، ذكر ـ دام ظلّه ـ تقريبا آخر لجعله ذا حقّ في الهجم ، ومسلّطا على ذلك مع كونه مهاجما.
بيانه : أنّه إذا فرضنا كون مالك الأرض مسلّطا عليها بجميع منافعها بعد الفسخ ، بحيث لو لا ذلك لزم الدور المذكور ، فلازمه تسلّطه على القلع أيضا من جهة سلطنته على تخلية أرضه ، وإن كانت المقدّمة محرّمة ، إلّا أنّه لما كان تقع سلطنة الغارس في طول سلطنة المالك ومعلّقا على عدمها له ، فيخرج بذلك