المقدّمة عن الحرمة ؛ لخروج المال عن الاحترام.
فالمحصّل أنّه كان يدور الأمر بين التخصيص والتخصّص ، فهكذا الكلام بعينه يجري في المقام بالنسبة إلى الغارس ، فإنّ الحقّ لمّا تعلّق بعين غرسه فيتسلّط عليه بأيّ نحو شاء ما لم يناف سلطنة الآخر في نفس هذا التصرّف.
ولا خفاء في أنّه إذا صار ذا حقّ في التصرّف ـ وهو حجمه ـ فلازمه صيرورته ذا حقّ في ما يتوقّف عليه من المقدّمات ، وهي الحفر وغيره ، فعند ذلك تقع سلطنة مالك الأرض في طول سلطنة الغارس ، وتصير متوقّفا على عدم سلطنة الغارس على ماله ، مع أنّ سلطنة الغارس كانت منجّزة.
فظهر أنّ سلطنة المالك على الأرض الموجب لاستحقاق دفعه الغارس ومنعه عن التصرّف في ماله دوريّ وتعليقي ، فيستحيل أن يمنع عما هو منجّز ، فمن ذلك يخرج ماله عن الحرمة من هذه الجهة الخاصّة ، ولا يستحقّ الدفع ويصير حجم الغارس مشروعا ، فتأمّل.
ولو رضي المغبون بالبقاء ، فهل على الغابن الاجرة أم لا؟ فقد أهمل حكم هذا الفرع الشيخ قدسسره بل أطلق القول باستحقاق المغبون الاجرة (١) ، مع أنّ صور المسألة أربعة ؛ لأنّه إمّا أن يكون بأمر الغابن واستدعائه أو بأمر المغبون ، وكلّ منهما إمّا أن يقصد المجّان أم لا.
فإن كان بأمر الغابن الّذي هو صاحب الغرس فيستحقّ المغبون الأجرة ، سواء قصد الآمر المجّان أو الاجرة إذا كان رضا المغبون بقصد الاجرة ، والظاهر أنّ حكمه مسلم ؛ لما ذكر في محلّه أنّ من موجبات الضمان الأمر.
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ١٩٨.