بل الشرط إنّما هو ثبوت الماليّة المحقّقة بثبوت المنفعة المحللة ، إلّا أنّ النجاسة قد يوجب ارتفاعها ، وقد لا توجب ، فإن أوجبت منعت عن الصحّة لذلك ، وهذا كما في المائعات النجسة أو المتنجّسة وإلّا فالكافر وبعض أقسام الكلب سيجيء ، بل سيجيء جواز بيع العذرة للزرع ، كما عن بعضهم (١).
وفي «القواعد» بعد عدّه ممّا يحرم الاكتساب به كلّ نجس لا يقبل التطهير قال : (ويجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة) (٢).
وكيف كان ؛ فلا ريب في أنّه ليس المناط في الصحّة إلّا الماليّة ، فكلّ عين حرم الانتفاع بها مطلقا أو الانتفاع المعتدّ به منها من جهة النجاسة أو غيرها بحيث لم يبق لها منفعة محلّلة يبذل بإزائها المال عرفا ؛ لم يصحّ بيعها.
وهذا ظاهر ، لكن هل الأصل في الأعيان النجسة حرمة الانتفاع بها إلّا ما خرج ، أو الأصل جواز الانتفاع بها إلّا ما خرج؟ وجهان.
حكى أوّلهما عن الفخر و «التنقيح» (والفاضل المقداد خ ل) مستدلّين عليه بدلالة الأخبار (٣) ، كقوله عليهالسلام في رواية «تحف العقول» : «أو شيء من وجوه النجس ، فهذا كلّه حرام محرّم ، لأنّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه ، فجميع تقلّبه في ذلك حرام» (٤).
والمراد من وجوه النجس ؛ الأعيان النجسة ، وقوله : «لأنّ ذلك كلّه منهي عن أكله» .. إلى آخره ، وقوله : «جميع التقلّب» يشمل جميع الانتفاعات ،
__________________
(١) انظر! جواهر الكلام : ٢٢ / ١٩ ، نسب القول إلى الأردبيلي والمحقّق الخراساني والفاضل القاساني.
(٢) قواعد الأحكام : ١ / ١٢٠.
(٣) لاحظ! التنقيح الرائع : ٢ / ٥ ، إيضاح الفوائد : ١ / ٤٠١ و ٤٠٢.
(٤) تحف العقول : ٣٣١.