على الكذب ، وإن لم يصرّح بوجوبه في الأخبار إلّا أن يقال بالعفو عنه شرعا ، لإطلاق تلك الأخبار للعسر والتوسعة على العباد.
وأمّا في مقام الوضع ـ أي تأثير العقود والإيقاعات في حصول مسبّباتها ـ فلا وجه بوجوب التورية فيها بعد معلوميّة أنّ ترتّب المسبّبات على أسبابها لا تكون إلّا بالإرادة مستقلّة بمن إليه الأمر للمسبّبات بأنفسها.
وذلك لأنّ ما دلّ على أنّ التصرّف في الأملاك والنقل والانتقال فيها موكول على اختيار المالك ـ أي على إرادته المستقلّة دون التابعة ـ مثل قوله : «الناس مسلّطون» (١) ، وقوله عليهالسلام : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (٢) ـ في الإيقاع يلزمه الدلالة على عدم التأثير في الأسباب الصادرة منهم بغير الاختيار ، وإلّا لزم ترتّب الأثر بإرادة غير المالك وغير الآخذ بالساق.
وذلك لظهور أنّ الفعل الّذي يكره عليه ، كما أنّه مستند إلى المكره ـ بالفتح ـ كذلك مستند إلى المكره ـ بالكسر ـ لحصوله بإرادتهما معا ، مع كون الاستناد إلى المكره ـ بالكسر ـ أقوى ، لاستقلاله في الإرادة وتبعيّة إرادة المكره ـ بالفتح ـ حتّى أطبقوا في باب الضمان أنّ الضمان على المكره ـ بالكسر ـ دون المكره ـ بالفتح ـ لضعف المباشر بالإكراه وقوّة السبب.
فيكون الضمان أو قراره عليه دون المباشر ، وحينئذ فلو اكره المالك على البيع فأنشأ البيع مكرها عليه ، فلا وجه لتأثيره في النقل والانتقال ، وإن قصد ، معنى الصيغة وحصل منه الإنشاء ، لأنّ الفعل لم يقع منه بإرادة مستقلّة ، بل بإرادة تابعة.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢٢ الحديث ٩٩ و ٤٥٧ الحديث ١٩٨.
(٢) عوالي اللآلي : ١ / ٢٣٤ الحديث ١٣٧.