وفيه ؛ أنّه اريد من إثبات الجمع ، إثبات مرجّح داخليّ للعمل بالبيّنتين ، وترجيحه على التخيير والطرح ، فمع أنّه لا فرق بين ذلك وبين التخيير ؛ لاستلزامه تخصيصا في أدلّة البيّنات كما في التخيير ؛ فإنّ كلّ واحد منها بالنسبة إلى ما يشهد له ويحكم عليه من القيمة من أجزائه يرجع إلى شهادة بكلّ جزء منه بأنّ قيمته كذا مثلا ، إذا يشهد بأنّ قيمة الصحيح لمثل هذا المبيع عشرة توامين ، فلازم قوله ، هو أنّ نصفه خمسة ، وربعه تومانان ونصف ، فأدلّة تصديق البيّنة في كلّ واحد منها يرجع إلى تصديقات متعدّدة في الحقيقة.
فإذا التزمنا بالتبعيض في قبول أقوالهم ، لازمه تكذيب بعض كلامهم وعدم تصديق جملة منه ، وهكذا بالنسبة ، فيستلزم ذلك التخصيص في أدلّة التصديق ، إلّا أنّ هنا كأنّه عرضيّ وفي التخيير طوليّ ، [و] أنّ ذلك أصل عقلائي موضوع في مورد الشكّ ، وقد صرّح شيخنا قدسسره بأنّ الأصل لا يصير مرجّحا للدليل ؛ لتأخّره رتبة عنه (١).
وإن اريد من ذلك إثبات المرجّح الخارجي من جهة الجمع بين الحقوق وعدم تضييع حق أحدهما رأسا كما هو ظاهر مقالته قدسسره (٢) (٣).
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٤٠٧ ، راجع! فرائد الاصول : ٤ / ١٥١ و ١٥٢.
(٢) المكاسب : ٥ / ٤٠٧.
(٣) والحاصل أن يكون الجمع بين الحقوق مقتضيا لذلك ، فنقول : إنّ ذلك أيضا أصل عقلائي ، وإنّما يكون هو المرجع إذا لم يكن دليل اجتهادي ، مع أنّ قاعدة «الناس» في المقام محكم لصيرورتها بعد حكم الشارع مخصصا ، وهنا إنّما يكون الشكّ في التخصيص الزائد ، فيرجع إليها في الزائد منه ولا محذور أصلا ، «منه رحمهالله».