ثمّ إنّه لو فقد المقوّمون ، أو توافقوا ، أو اختلفوا ، فقلنا بالتساقط ، فهل المرجع الالتزام بالأقلّ أو الأكثر أو التفصيل؟
الحقّ الأخير ، ضرورة أنّه لو ثبت اشتغال ذمّة البائع بالأرش من أوّل الأمر ، فالظاهر أنّ الأقوى القول بالاشتغال بالأقلّ ؛ لكون المقام من دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، وإن لم يثبت ذلك ، بل كان الأرش من باب التضمين ، بمعنى أنّه يشتغل أوّلا ذمّته على نحو التعليق بوصف الصحّة ، ثمّ يتبدّل عند المطالبة بالقيمة وهو الأرش ، لعدم إمكان تداركها بنفسه فتعيّن الأكثر ؛ لأنّ الشك يرجع إلى المحصّل والشكّ في حصول البراءة بأداء الأقلّ بدلا عمّا اشتغلت الذمّة به أوّلا.
ولو اختلف المقوّمون ، ففيه احتمالات ، والّذي قوّاه شيخنا قدسسره ونسبه إلى المعظم هو وجوب الجمع بين البيّنات بنحو الالتزام بالتبعيض ، بمعنى أن يعمل ببعض مضمون كلّ واحد منها ؛ لأنّ كلّا منها حجّة شرعيّة ، وعند عدم إمكان العمل بالجميع من حيث المجموع يجب العمل بقدر الإمكان ، والتخيير لمّا يوجب طرح أحدها رأسا ، مع أنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، جعل ذلك وجها لترجيح الجمع على التخيير.
ثمّ قال قدسسره : وإنّما لم نلتزم بذلك في أحكام الله ، لأنّ الحقّ فيها لمّا كان راجعا إلى شخص واحد.
فكيف كان ؛ يلزم تضييع الحقّ في الجملة ، ولا يحصل فرق بينه وبين التخيير اللازم لطرح إحدى البيّنتين (١) ، هكذا أفاد قدسسره.
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.