أنّ كلّ ما كان مستند (١) الإخبار الحسّ فهو داخل في الشهادة ، وأمّا الأخيرة فليس داخلا في عنوان الشهادة قطعا ، فاعتبار العدالة أو التعدّد فيها من هذه الجهة لا يجري.
إنّما الكلام في وجه اعتبار قول أهل الخبرة ، فإن قلنا : إنّ منشأه ارتكاز العقلاء برجوع جهّال كلّ قوم في فنّ خاصّ إلى عالميه ، كما لا يبعد أن يكون منشأ حجيّة قول المفتي للمستفتي ذلك لا غير (٢) ، فكما لا يشترط فيه التعدّد فكذلك في المقام.
وأمّا اشتراط العدالة وعدمه فالظاهر أنّه لا دليل عليه في المقام ، مع أنّ الدليل قائم على عدمه ، وهو لزوم العسر والحرج.
وإن لم نقل بحجيّة قول المفتي من هذه الجهة ـ أي الارتكاز ـ بل ثبت بدليل خاصّ اعتبار قوله ، فاحتمال الاكتفاء بقول واحد من أهل الخبرة ما لم يوجب حصول القطع تعبّد ، لأنّ المفروض عدم حجيّة الظنّ من هذه الجهة ، وإن قلنا بجريان دليل انسداد صغير في المقام ببيان أنّه لا طريق إلى حصول القطع بالقيمة الواقعيّة لهذه الأشياء ، لاختلافها وعدم انضباطها من جهة أصلا ، فلو لم يكتف بالظنّ يلزم تضييع الحقوق غالبا ، فأيضا لا يحتاج إلى التعدّد والعدالة ، بل يكفي حصول الوثوق ، كما في الأوّل.
فكيف كان ؛ لا مجال لاحتمال اعتبار التعدّد ، بل لا بدّ إمّا من الاكتفاء بالظنّ ، وإمّا الالتزام بحصول القطع ، وقد عرفت أنّ الأقوى هو الأوّل.
__________________
(١) وإن استشكل في هذه الكلية السيّد ـ رحمهالله تعالى ـ في الحاشية (٢ / ١٠٤ و ١٠٥) «منه رحمهالله».
(٢) لا الأخبار والآيات ، وإلّا يلزم الدور «منه رحمهالله».