الصدر قرينة للذيل ، وأنت خبير بأنّ ذلك ليس أولى من العكس ، ولا أقلّ من أنّ ذلك أيضا يصير مجملا ، فيصير المرجع ما تدلّ على مانعيّة المخالفة.
مضافا إلى أنّه لو جعلنا الموافقة شرطا فيلزم القول ببطلان مطلق الشروط عند الشكّ ، مع أنّ بناء الأصحاب في باب المعاملات على الصحّة وعدم الالتزام بالفساد ، بل يجرون ـ قدّست أسرارهم ـ أصالة عدم المخالفة ، كما يستفاد من مقالة الشيخ قدسسره أيضا ، الّذي هو مرآة للمشهور (١).
ثمّ إنّه بعد أن تحقّق أنّ المناط هو المخالفة ، وأنّ الشرط الغير المخالف صحيح ، فالآن نشرع في شرح الشرط المخالف وتوضيحه ، فنقول : قد أفاد شيخنا قدسسره بأنّه لمّا عبّر عن الشرط المخالف في بعض الأخبار بما هو محلّل للحرام ومحرّم للحلال فيصير الضابط ذلك (٢).
وأنت خبير بأنّه لو جعلنا المدار ذلك ، يلزم أن يكون كلّ ما يشترط إمّا محلّلا للحرام أو محرّما للحلال ، لأنّه إذا اشترط مثلا على أحد خياطة الثوب ، فقد حلّل أمرا حراما ، ضرورة أنّه كان قبل الشرط حراما على الشارط إجبار المشروط عليه ، والآن يحلّل ذلك على نفسه بتوسّط الشرط ، وكذلك لو اشترط عدم التسرّي ، فيصدق أنّه حرّم أمرا كان قبل الشرط حلالا من الشرع.
وبالجملة ؛ لو جعلنا ذلك ضابطة يلزم عدم تحقق مصداق للشرط الصحيح ، أو تخصيص الأكثر.
ودفع ذلك بأنّه لا إطلاق لدليل المباحات حتّى يشمل لها ولو بعد عروض
__________________
(١) المكاسب : ٦ / ٢٦ ـ ٢٨.
(٢) لاحظ! المكاسب : ٦ / ٣٤ و ٤٣.