فما قال به شيخنا قدسسره في المقام من أنّ المراد بالموافقة عدم المخالفة ، لموافقة كلّ شرط غير مخالف للعمومات المرخّصة في الكتاب (١) ، غير مفيد شيئا من حيث إحراز الشرط وجريان الأصل ، مع احتمال أن يكون الأمر بالعكس.
وبالجملة ؛ على حسب ما يستفاد من ظاهر الأدلّة لا دليل على الالتزام بوحدة المطلوب من إرجاعها بعضها إلى بعض ، ورفع اليد عن ظهورها.
ولكن الذي يسهّل الخطب ويوهن هذا الاحتمال ، هو أنّه ، أوّلا أنّ الظاهر من سياق هذه الأخبار أنّها في مقام اشتراط أمر واحد لا أمرين ، فقد يعبّر عنه بعدم كون الشرط محلّلا للحرام أو محرّما للحلال وقد يعبّر بعدم كونه مخالفا للكتاب ، وقد يعبّر بكونه موافقا له.
وثانيا ؛ أنّ الأصحاب لم يفهموا منها إلّا اشتراط أمر واحد ، فيدور الأمر بين جعل الاشتراط كون الشرط غير مخالف.
وحمل بعض ما تدلّ على اشتراط الموافقة ، على أنّه قد عبّر عنها باعتبار كون الموافقة من أحد مصاديق الغير المخالف ، لا أن يكون في حدّ نفسه موضوعا للحكم ، أو رفع اليد عن ظهور ما تدلّ على اشتراط كونه غير مخالف وحملها على كونها كناية عن الموافقة (٢).
ولكن لمّا أوضحنا أوّلا من أنّ من الأخبار ما يمكن أن يستفاد منه اشتراط الموافقة هو حديث ابن سنان فقط ، والبعض الآخر مجملة رأسا ، وجلّها ظاهرة في مانعيّة المخالف ، ولكن الاستفادة من حديث ابن سنان موقوف على أن نجعل
__________________
(١) المكاسب : ٦ / ٢٥.
(٢) عوائد الأيّام : ٥١ ، وانظر! المكاسب : ٦ / ٣٢ و ٣٣.