نعم ؛ [لو] جعلنا المناط في البطلان المخالفة للكتاب لا يستلزم ذلك ، ضرورة أنّ عنوان المخالفة للكتاب لا يتحقّق إلّا بعد طروّ الشرط للمشروط وتحقّق عنوان المشروطيّة ، ولا ريب أنّه إذا لم يكن لدليل المباحات إطلاق يشمل العناوين الثانوية اللاحقة للموضوعات ، فلم يكن الحكم الأولي باقيا بعد جعلها في مصبّ الشرط ، فلا يكون الشرط مخالفا للكتاب ، فيدور الأمر بين جعل المدار المخالفة أو المحلليّة للحرام وعكسه.
والظاهر أنّ النسبة بينهما عموم مطلقا ولا شاهد على الحمل بعد كونهما مثبتين ، وعدم ثبوت وحدة المطلوب كما كان الدليل عليها عند الدوران بين شرطيّة الموافقة أو مانعيّة المخالفة (١).
ومن المعلوم ؛ أنّ الأخبار لا تساعد على وحدة المطلوب في المقام ، لأنّها في كلّ من الطرفين مستفيضة ، وكذلك فهم الأصحاب ما استقرّ ظاهرا على أحد الطرفين خاصّة ، فلا داعي للأخذ بأحدهما دون الآخر ، فالقاعدة تقتضي بالعمل بما يجعل المناط في الصحّة عدم تحليل الحرام وتحريم الحلال ، لكون دائرتها أوسع.
ولكنّ الّذي يوهن ما ذكرنا في تحليل الحرام وعكسه ، وإنكار جعل المدار ذلك ، هو أنّ تحليل الحرام إنّما يقصد بتوسّط الشرط ، ولا خفاء أنّ رتبة التحليل
__________________
(١) قد تعرّض شيخنا قدسسره في باب القدرة على التسليم مسألة دوران الأمر بين شرطيّة شيء ومانعيّة نقيضه ، وأفاد بأنّ جريان الأصل إنّما يفيد في الضدّين ، كاشتراط العدالة أو مانعيّة الفسق ، لا في غيرهما ؛ كمسألة العلم والجهل (المكاسب : ٤ / ١٨٧) ؛
وتعرّض لها صاحب «الجواهر» قدسسره أيضا في مسألة اعتبار الخلوّ عن الحيض في الطلاق فراجع (جواهر الكلام : ٣٢ / ٣٦ ـ ٣٨) ، «منه رحمهالله».