الذات بلا تأثير للخارج في ثبوت الحكم ، فيستحيل أن يزاحمه شيء إلّا مصلحة أو مفسدة راجحة ، ولكن لا بأن يصير ذلك موجبا لتقييد الذات بالنسبة إلى هذا المزاحم الخارجي.
وقد يجعل الذات موضوعا للحكم بحيث يكون لا اقتضاء محضا بالنسبة إليه ؛ بمعنى أنّ ذاته لا يأبى عن ذلك لو لم يك مقتض يعارض لذلك ، ولا ريب أنّ الأحكام الإباحيّة جلّها كذلك ، وإنّما هي ترخيصات من الشارع نشأت عن عدم اقتضاء الذات بالنسبة إلى الوجود والعدم ، أو الفعل والترك.
ولمّا لا يمكن أن يصير الذات فيها علّة للحكم ، بل التأثير إنّما هي لها بشرط عدم مقتض آخر يزاحمه ، فلا يعقل إطلاق للذات بالنسبة إلى المقتضيات الاخر ؛ ضرورة أنّ المقتضي ولو كان في كمال الضعف ، لا يعارض إلّا اقتضاء ، فالحكم فيها لا بدّ أن يكون مهملة في مقابل الإطلاق.
فإذا كان ثبوت الحكم للموضوع بهذه المثابة ، فلا يمكن أن يستكشف منه عدم المانع عنه ، فكلّ ما احتمل أن يكون مانعا عنه ، بمعنى يثبت كونه مقتضيا لأمر مخالف للحكم الإباحي ، فليس لنا أن نستدلّ بدليل الإباحة لبقاء حكمها ، بخلاف القسم الأوّل من الأحكام الاقتضائيّة ؛ لأنّه لمّا يثبت أنّ الذات فيها يمكن كونها بنفسها علّة للحكم بلا تأثير شيء آخر فيه ، فيستكشف من إطلاقها الذاتي عدم وجود مانع لها ، إلّا ما يثبت من الحكم المخالف بسبب ترجيح لمصلحته ومقتضيه على هذا الحكم الاقتضائي ، بحيث تثبت الحكومة والنظر لها كأدلّة الضرر والحرج.
وكيف كان ؛ فالإطلاق الذاتي في الأحكام الاقتضائيّة يكتفى بها لرفع