فقال بعضهم في وجه التفرقة : إنّ العبد مال وعمله أيضا مال بخلاف الحرّ ، فإنّه لا ماليّة لشيء في نفسه وعمله (١).
ثمّ استشكل عليه بأنّ ذلك يستلزم عدم جواز استيجار الحرّ ، مع أنّه من المسلّمات جوازه ، ولا يمكن إنكاره (٢).
فاجيب عن ذلك بصيرورة عمله مالا بالمعاوضة ، وهو قبل المعاوضة ليس من الأموال ، وإنّما يصير مالا بسبب المعاوضة (٣).
ومن هنا لو غصب الحرّ بعد الاستيجار ضمن الغاصب للمستأجر قيمة منافعه المستأجر لها الفائتة تحت يده.
فأشار شيخنا قدسسره بقوله : (فإن قلنا : إنّه قبل المعاوضة عليه من الأموال فلا إشكال ، وإلّا ففيه إشكال) (٤) إلى ما ذكره هذا البعض.
وتحقيق القول في ذلك أنّ الماليّة من الحقائق العرفيّة ، لا من المجعولات الشرعيّة ، وهي ما يبذل بإزائه المال ، فكلّ منفعة محلّلة يبذل بإزائه المال ؛ مال في العرف والشرع ، من غير فرق بين مملوكيّة ذي المنفعة حرمته.
ضرورة عدم التفرقة في بذل المال بإزاء الأعمال عند العرف بين كون العامل بها حرّا أو مملوكا ، بل قد يبذل بإزاء أعمال الأحرار ما لا يبذل بإزاء عمل العبيد.
فالقول بعدم ماليّة عمل الحرّ واضح الفساد ، وأوضح منه فساد القول
__________________
(١) مسالك الافهام : ١٢ / ١٥٨ و ١٥٩ ، جواهر الكلام : ٣٧ / ٤١.
(٢) مسالك الإفهام : ١٢ / ١٥٩ ، جواهر الكلام : ٣٧ / ٤١.
(٣) إيضاح الفوائد : ٢ / ١٦٨ ، مسالك الإفهام : ١٢ / ١٥٩ و ١٦٠.
(٤) مرّ آنفا.