قد قسّموا النسب الكلاميّة ، إلى الخبريّة والإنشائيّة ، والمراد من الخبريّة ما فيها جهة الكشفيّة ، ومن الإنشائيّة ما ليس فيها هذه الجهة.
وبعبارة اخرى : إن كان في النسبة نظر إلى الواقع فهي خبريّة ، وإن لم يكن فيها هذا النظر بل هي هي بنفسها من دون أن يكون فيها حكاية أصلا فهي إنشاء ، من غير فرق بين أن تكون هذه النسبة حاصلة بالكلام ، أو مدلولة له ، وإذا كانت مدلولة للكلام ، فلا يكون إلّا مدلولة للهيئة أو لأداة ، لأنّ النسبة وكيفيّاتها في الكلام من المعاني الحرفيّة لا يمكن أن يدلّ عليها بالوضع ما يكون وضعه وضع الأسماء.
وقد بيّنا في بحث المشتقّ اختلاف كيفيّة الوضع في الأسماء والحروف وأنّ الهيئات أيضا وضعها وضع الحروف.
وكيف كان ؛ فمن النسب المدلولة لهيئة «اضرب» ـ مثلا ـ فإنّ هذه الهيئة إنّما وضعت لأن تكشف عن أنّ هذه المادّة لوحظت منسوبة إلى فاعل ما على نحو المطلوبيّة منه ، فإذا كانت النسبة بهذه الكيفيّة صارت إنشاء لما لم يكن فيها جهة كشف وحكاية ، وإلّا فمن حيث التقدّم على الكلام وكاشفيّته عنها لا فرق بينها وبين الخبريّة.
فكما أنّ المخبر بخبره لا يوجد النسبة المكشوفة ، بل يكشف عنها بالوضع ، كذلك النسبة الطلبيّة لا يوجدها المنشئ بالتلفّظ ، بل يكشف عنها بالوضع.
فالقول بحصول الإيجاب من القائل بقوله : «اضرب» وإن اريد منه إيجاد الوجوب ، وحصول التأثير حتّى لا ينفكّ عنه الأثر ، ليلزم منه الالتزام بحصول