ولا علم لنا الآن بما يوجد من كُتب أبي مِخْنف عامّة ، وكتابه في المقتل خاصّة والظاهر أنّها مفقودة لا توجد إلاّ في مطاوي هذه الكُتب بصورة أحاديث متفرقة.
وأقدم نصّ معروف لدينا ممّن نقل أحاديث هشام الكلبي في كتابه عن أبي مِخْنف هو : تاريخ أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (٣ ـ ١٠ هـ) ، وهو لمْ يُفرد لها تأليفاً خاصّاً ، وإنّما ذكر الوقعة في أثناء تاريخه لحوادث سنة (٦٠ ـ ٦١ هـ) (١).
وهو لا يُرويها عنه بالتحدّث مباشرة ، وإنّما يُرويها عن كُتبه معزّزة بقوله : حدّثت عن هشام بن محمّد ، ثمّ لا يُعيّن مَن حدّثه عنه ... ويدلّنا على عدم دركه لهشام وعدم مباشرته السّماع عنه ، قياس تاريخ ولادة الطبري (٢٢٤ هـ) بوفاة الكلبي (٢٠٦ هـ) ... وقد صرّح بنقله عن كُتبه عند ذكره لوقعة الحرّة إذ يقول : هكذا وجدته في كتابي ... (٢).
وأقدم نصّ بعد الطبري ممّن يروي عن كتاب هشام الكلبي بلا واسطة ، هو كتاب : الإرشاد للشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ؛ فإنّه قال ـ قبل نقله أخبار كربلاء في كتابه ـ ما نصُّه : فمن مختصر الأخبار ... ما رواه الكلبي ... (٣).
ثم كتاب : تذكرة الأمّة بخصائص الأئمة لسبط ابن الجوزي (٦٥٤ هـ) ؛ فإنّه أيضاً نقل كثيراً ممّا ذكره في أخبار الإمام الحسين (عليه السّلام) عن هشام الكلبي مصرّحاً بذلك.
وعند مقابلة ما نقله الطبري بما نقله الشيخ المفيد (ره) والسّبط ، يظهر التوافق
_________________
(١) الطبري ٥ / ٣٣٨ ـ ٤٦٧ ، ط دار المعارف.
(٢) الطبري ٥ / ٤٨٧.
ويدلّ على هذا أيضاً اختلاف الطبري في بعض الأعلام ، ممّا يدلّ على أنّه لمْ يسمعها روايةً ، كما في اسم مسلم بن المسيّب ، حيث ذكره في موضعين : مسلم بن المسيّب ، وفي آخرين : سلم بن المسيّب. وهو شخص واحد كما في خبر المختار.
(٣) الإرشاد / ٢٠٠ ، ط النّجف.